وبقي التابوت في النيل أربعين يوماً وقيل ثلاثة أيام وقيل ليلة واحد وصعد فرعون إلى صرح له فجلس وهو مشرف على النيل فألقت الريح التابوت تحت قصره وكان له سبع بنات ليس منهن واحدة إلا وبها سائر الأمراض وكان في داره حوض يركد فيه الماء من النيل وهو حوض عظيم وكن البنات يغتسلن فيه فلم تزل الريح بأمر الله تعالى تسوق التابوت إلى أن دخل في ذلك الحوض وركد فبادرت البنت الكبيرة وأخذت التابوت وفتحته وإذا فيه موسى ﵇ وله شعاع ونور كشعاع الشمس فأخرجته فلما لمسته ذهب ما كان بها من البلاء فتناولته الثانية ولمسته فعوفيت ولم يزلن يتناولنه حتى عوفيت السبع بنات مما كن فيه من الأمراض وصرن صحاحاً من بلائهن ببركته فأخذنه ودخلن به إلى آسية وذكرن لها القصة فلما رأتهن قد عوفين أحبته ونظرت إليه وقبلته وحملته إلى فرعون.
فلما رآه فرعون فزع منه فقالت له أيها الملك لا تخف وذكرت له حديث التابوت وكيف عوفيت البنات ببركته فقال يا آسية إني أخاف أن يكون هذا عدوي وأنا لا بد لي من قتله (فقالت له قرة عين لي ولك لا تقتله عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولداً) وقالت له أيها الملك إنه في قبضتك وإنك من قتله متمكن في أي وقت شئت وأنت ليس لك ولد ذكر فأطعم الناس لأجله ولم تزل به حتى فعل ذلك فجاع الطفل فأتى إليه بالمراضع فلم يقبل موسى بثدي واحد منهن وذلك قوله تعالى (وحرمن عليه المراضع من قبل) معناه لا يرضع من غير أمه.
[ذكر قصة الرضاع]
ثم بلغ أمه وصول التابوت إلى قصر فرعون فقالت لبنتها كلثوم أخرجي فقصي أمره فجاءت قصر فرعون فإذا هو في حجر آسية فقالت لها (هل