في أولها من جهة الشمال عمرها الأمير قانصوه اليحياوي كافل المملكة الشامية حين كان مجاورا بالقدس الشريف وبناؤها يشتمل على إيوان وبه مدفنان من جهتي الشرق والغرب ودفن بها من توفي من أولاده ثم أفرج عنه وسافر من القدس الشريف في مستهل شوال سنة اثنتين وسبعين وثمانمائة ولم تكمل عمارتها فلما استقر في نيابة الشام ثانيا جهز مالا لعمارتها فأكملت ببناء الحوش الشمالي والبوابة وحفر الصهريج وبنى المتوضأ وكملت عمارها في سنة خمس وتسعين وثمانمائة وصارت مشهورة.
ومقبرة الساهرة - وتقدم ذكرها - وهي شمالي البلد.
ومقبرة الشهداء بالقرب من مقبرة الساهرة إلى جهة الشرق وهي مقبرة لطيفة لقلة من يقصد الدفن فهيا فإنه لا يدفن فيها من أهل البلد إلا قليل من الناس.
ومقبرة ما ملا وهي بظاهر القدس من جهة الغرب وهي أكبر مقابر البلد وفيها خلق من الأعيان والعلماء والصالحين والشهداء وتسميتها بما ملا قيل إنما أصله مما من الله وقيل باب الله ويقال زيتون الملة.
وروي عن الحسن أنه قال من دفن في بيت المقدس في زيتون الملة فكأنما دفن في سماء الدنيا واسمها عند اليهود بيت لمواء وعند النصارى بابيلا والمشهور على ألسنة الناس ما ملا.
القلندرية وبوسط هذه المقبرة زاوية تسمى القلندرية بها أبنية عظيمة وكانت هذه الزاوية كنيسة وهي من بناء الروم وتعرف بالدير الأحمر وللنصارى فيها اعتقاد فقدم إلى بيت المقدس رجل اسمه الشيخ إبراهيم القلندري وأقام بها جماعة من الفقراء فنسبت إليه وسميت بالقلندرية وكانت في عصره الست طنشق بنت عبد الله المظفرية التي عمرت الدار الكبرى المعروفة بدار الست بالعقبة التي بالقرب من باب الناظر فكانت تحسن إلى الشيخ إبراهيم وعمرت في الزاوية المذكورة قبة محكمة البناء على قبر أخيها بهادر وهي باقية إلى يومنا.