وتوفي الإمام الناصر لدين الله العباسي - المتقدم ذكره - في أول شوال سنة اثنتين وعشرين وستمائة وكانت خلافته نحو سبع وأربعين سنة وعمي في آخر عمره وكان عمره نحو سبعين سنة.
ولما دخلت سنة أربع وعشرين وستمائة وقع تنافر بين الملك الكامل صاحب مصر وأخيه الملك المعظم عيسى صاحب دمشق لأمور بينهما فكاتب الملك الكامل الانبرطون ملك الإفرنج في أن يقدم إلى عكا ليشغل سراً أخيه الملك المعظم عما هو فيه ووعد الانبرطون بأن يعطيه القدس.
فسار الانبرطون إلى عكا وبلغ الملك المعظم ذلك.
ثم توفي الملك عيس في هذه السنة يوم الجمعة مستهل ذي الحجة سنة أربع وعشرين وستمائة ودفن بقلعة دمشق ثم نقل إلى جبل الصالحية ودفن في مدرسته هناك المعروفة بالمعظمية وكان نقله ليلة الثلاثاء مستهل المحرم سنة خمس وعشرين وستمائة وكانت مدة ملكه دمشق تسع سنين وشهوراً.
ولمات وفي الملك المعظم ترتب في مملكته بعده ولده الملك الناصر صلاح الدين داود.
فلما دخلت سنة خمس وعشرين وستمائة أرسل الملك الكامل صاحب مصر يطلب من ابن أخيه الناصر داود حصن الشوبك فلم يعطه إياه ولا أجابه إليه. فسار الملك الكامل من مصر إلى الشام في رمضان هـ من هذه السنة ونزل على تل العجول بظاهر غزة وولى ابن يوسف على نابلس والقدس وغيرهما من بلاد ابن أخيه ووقع بينهما أمور ومراسلات.
وقدم الانبرطون إلى عكا بجموعه وقد مات الملك المعظم فاستولى على صيدا وكانت مناصفة بين المسلمين والإفرنج وسورها خراب فعمر الإفرنج سورها واستولوا عليها.