خشقدم فلما آل أمرها إلى مولانا السلطان الملك الأشرف استمر على ما هو عليه ثم كان من الأمر ما سنذكره فيما بعد إن شاء الله تعالى.
ثم دخلت سنة ثلاث وسبعين وثمانمائة وفيها احتبس المطر ببيت المقدس حتى دخل أكثر الشتاء وحصل للناس شدة من قلة الماء ثم حصل الغلاء العظيم في جميع المملكة واشتد الأمر ببيت المقدس وقلت الأقوات منه ووصل سعر القمح كل مد بدينار والشعير كل مد بعشرين درهما ووقع الغلاء في كل الأصناف من الأرز والزيت والبصل وغير ذلك حتى في الخضروات وضج الناس إلى الله ﷾.
وفيها كثرت الفتن بين ناظر الحرمين برد بك التاجي ونائب السلطنة دمرداش العثماني ووقع الخلف بينهما وكثر القيل والقال وانتهى الحال إلى أن ناظر الحرمين كان يظاهر البلد عند بركة السلطان وكانت قناة السبيل هناك محتاجة إلى عمارة وقد شرع الصناع في العمل فيها فخرج الناظر للاشراف عليهم وهو في جمع قليل من حاشيته فسلط النائب جماعة من أعوانه فخرجوا إلى الناظر على بغتة وضربوه ضربا مؤلما وأغلظوا عليه وشتموه وأفحشوا له في القول فأقيمت النائرة لذلك ووصل المستنفرون إلى داخل المدينة.
فبادر قاضي القضاة الحنفي جمال الدين بن عبد الله الديري وركب معه جماعة إلى ظاهر البلد ودخل الناظر إلى المدينة على هيئة قبيحة مما حصل في حقه وعقد بالمسجد مجلسا فكتب ما وقع وجهز إلى السلطان فحضر من القاهرة خاصكي بالكشف على ذلك وبقي بعض أهل القدس في جهة الناظر وبعضهم في جهة النائب واشتد الأمر في وقوع الفتن والاختلاف بين الأكابر وحصل للقاضي الحنفي ضرر لكونه ركب إلى ظاهر البلد في يوم ضرب الناظر وغرم مالا بسبب ذلك.
ثم حصل الخلل في نظام الوقفين المبرورين بالقدس والخليل لسوء تدبير الناظر برد بك التاجي وعدم توفيقه وتلاشت الأحوال وفحشت وكثرت المناحس من السراق وقطاع الطريق.