للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من المؤذنين وعليها عمل المسجد واعتماد بقية المنائر وقد أخبرت أنها من بناء تنكز نائب الشام حين بنائه لمدرسته المشهورة به بخط باب السلسلة.

والثالثة على مؤخر المسجد من جهة الشمال مما يلي الغرب وتسمى مأذنة الغوانمة لكونها عند باب الغوانمة وهي أعظمها بناء وأتقنها عمارة وهي بناء القاضي شرف الدين عبد الرحمن ابن الصاحب الوزير فخر الدين الخليلي ناظر أوقاف الحرمين الشريفين مكة والمدينة شرفهما الله تعالى وحرمي القدس الشريف والخليل وقد رأيت توقيعه بذلك من السلطان الملك المنصور حسام الدين لاجين وفيه أن يعاد إلى الوظيفة المذكورة فدل على أنه باشرها قبل ذلك بتاريخ التوقيع الذي وقفت عليه الثالث والعشرين من جمادي الآخرة سنة سبع وسبعين وستمائة ولعله عمر المنارة في ذلك العصر وقد أخبرت ان عمارتها في دولة بني قلاوون وهو ممكن.

والرابعة على الجهة الشمالية من المسجد بين باب الأسباط وباب حطة وهي أظرفها شكلا وأحسنها هيبة وهي بناء السيفي قطلوبغا ناظر الحرمين الشريفين بناها في سلطنة الملك الأشرف شعبان بن حسين في سنة تسع وستين وسبعمائة.

وأما أبواب المسجد فأولها بابان متحدان في السور الشرقي الذي قال الله تعالى فيه: (فضرب بينهم بسور له باب باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبله العذاب) فان الوادي الذي وراءه وادي جهنم وهما من داخل الحائط مما يلي المسجد أحدهما يسمى باب الرحمة والثاني يسمى باب التوبة وهما الآن غير مشروعين وعليهما من داخل المسجد مكان معقود بالبناء السليماني ولم يبق في المسجد من البناء السليماني سوى هذا المكان وهو مقصود للزيارة وعليه الأبهة والوقار وقد أخبرت قديما من شخص من القدماء ان الذي اغلقهما أمير المؤمنين عمر بن الخطاب وأنهما لا يفتحان حتى ينزل السيد عيسى ابن مريم .

والذي يظهر أن سبب غلقهما خشية على المسجد والمدينة من العدو المخذول فإنهما ينتهيان إلى البرية وليس في فتحهما كبير فائدة.