هذا البيت وهذه الحكاية لم أزل أطلب تفسير ابن برجان حتى وجدته على هذه الصورة قال ولكن رأيت هذا الفصل مكتوباً على الحاشية بخط غير الأصل ولا أدري هل كان من أصل الكتاب أم هو ملحق وذكر له حساباً طويلاً وطريقاً في استخراج ذلك حتى حرره من قوله (في بضع سنين) انتهى.
[(ذكر أول خطبة بعد الفتح)]
ولما فتح السلطان القدس تطاول إلى الخطابة يوم الجمعة كل واحد من العلماء الذين كانوا في خدمته حاضرين وجهز كل واحد منهم خطبة بليغة طمعاً في أن يكون هو الذي يعين لذلك والسلطان لا يعين الخطبة لأحد.
فلما دخل يوم الجمعة رابع شعبان واجتمع الناس لصلاة الجمعة حتى امتلأ الجامع ونصبت الأعلام على المنبر وتكلم الناس فيمن يخطب والأمر مبهم حتى حان الزوال وأذن المؤذن للجمعة فرسم السلطان وهو بقبة الصخرة للقاضي محيي الدين محمد بن زكي الدين علي القرشي أن يخطب وهي أول جمعة صليت بالمسجد الأقصى الشريف بعد الفتح وأعاره العماد الكاتب أهبة سوداء كانت عنده من تشريف الخلافة لبسها في الحال.
فلما رقى على المنبر استفتح بسورة الفاتحة فقرأها إلى آخرها ثم قال (فقطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين).
ثم قرأ سورة الأنعام (الحمد لله الذي خلق السماوات والأرض وجعل الظلمات والنور ثم الذين كفروا بربهم يعدلون هو الذي خلقكم من طين ثم قضى أجلاً وأجل مسم عنده ثم أنتم تمترون وهو الله في السماوات وفي الأرض يعلم سركم وجهركم ويعلم ما تكسبون).
ثم قرأ من سورة سبحان الذي أسرى (وقل الحمد لله الذي لم يتخذ ولداً ولم يكن له شريك في الملك ولم يكن له ولي من الذل وكبره تكبيراً).