وفي مستهل شهر ربيع الأول توجه شيخ الاسلام كمال الدين بن أبي شريف شيخ المدرسة الصلاحية وصحبته القضاة الأربعة بالقدس الشريف وهم القاضي شهاب الدين بن عبية الشافعي والقاضي خير الدين بن عمران الحنفي والقاضي نور الدين البدرشي المالكي والقاضي كمال الدين النابلسي الحنبلي وجماعة من الفقهاء من القدس للرملة لملاقاة الأمير يشبك الدوادار الكبير عند قدومه من البلاد الشامية وصحبته شهسوار في الاعتقال وكان تقدمهم للملاقاة ناظر الحرمين الأمير ناصر الدين بن النشاشيبي ونائب السلطنة يوسف الجمالي.
ودخل يشبك الدوادار ومعه شهسوار والعساكر السلطانية إلى مدينة الرملة في رابع شهر ربيع الأول وكان يوما مشهودا ونزل على قبة الجلوس وأجتمع به شيخ الاسلام الكمالي والقضاة وناظر الحرمين وسلموا عليه وهو في مخيمه فتلقاهم بالاكرام وكان من خطاب شيخ الاسلام له المرجو من كرم الله تعالى كما جعلكم سببا لكشف هذه الغمة ان يلهمكم شكر هذه النعمة ثم سافر من ليلته إلى جهة غرة وتوجه شيخ الاسلام والقضاة إلى بيت المقدس.
وفيها استقر الأمير دقماق الاينالي في نيابة السلطنة بالقدس الشريف عوضا عن يوسف الجمالي ولاه الأمير يشبك الدوادار بمدينة غزة عقب سفرة من الرملة ودخل إلى القدس الشريف في حادي عشر ربيع الأول وحضر قراءة المولد الشريف في تلك الليلة وأوقد له المسجد على العادة وكانت ليلة مشهودة وباشر النيابة بحرمة زائدة وشهامة وقمع المناحيس لكنه كان عسوفا في احكامه ولم تطل مدته فأقام بالقدس مائة يوم وأربعة أيام وتوفي في خامس عشري جمادي الآخرة ودفن بالزاوية القلندرية بتربة ما ملا.
واستقر بعده في النيابة الأمير جقمق نائب دمياط الظالم الفاجر وكان - كما قال بعضهم - لا فارس الخيل ولا وجه العرب ودخل متسلمه إلى القدس في يوم الثلاثاء حادي عشري رجب ودخل جقمق في أوائل شهر رمضان وكان يوم دخوله