وأما الأئمة الثلاثة ﵃ فلم أطلع على شئ يدل على قدوم أحد منهم بيت المقدس.
والمؤمل بن إسماعيل البصري صدوق وكان شديداً في السنة قدم بيت المقدس وأعطى به قوماً شيئاً وداروا به تلك الأماكن توفي سنة ست ومائتين وبشر بن الحرث الحافي أحد رجال الطريقة من كبار الصالحين وأعيان الأتقياء المتورعين أصله من مرو من قرية من قراها وسكن بغداد وإنما لقب الحافي لأنه جاء الإسكاف يطلب منه شسعاً لأحد نعليه وكان قد انقطع فقال الله الإسكاف ما أكثر كلفتكم على الناس؟ فألقى النعل من رجله وحلف لا يلبس نعلا بعدها ولد سنة خمسين ومائة.
قيل له لم يفرح الصالحون ببيت القدس؟ قال لأنها تذهب الهم ولا تشتغل النفس بها وقال ما بقي عندي من لذات الدنيا إلا أن استلقي على جنبي تحت السماء بجامع بيت المقدس توفي في شهر ربيع الآخر سنة ست - قيل سبع - وعشرين ومائتين ببغداد وقيل بمرو.
وذو النون المصري أبو الفيض ثوبان بن إبراهيم الصالح المشهور أحد رجال الطريقة قدم بيت المقدس وقال وجدت على صخرة بيت المقدس كل عاص مستوحش وكل مطيع مستأنس وكل خائف هارب وكل راج طالب وكل قانع غني وكل محب ذليل قال فرأيت هذه الكلمات أصول ما استعبد الله به الخلق توفي سنة خمس وأربعين ومائتين.
والسري بن المغلس السقطي قدم بيت المقدس وروى عنه جماعة قال خرجت من الرملة إلى بيت المقدس الشريف فمررت بمشرفة وغدير ماء وعشب نابت فجلست آكل من العشب واشرب من الماء فقلت في نفسي إن كنت أكلت أو شربت في الدنيا حلالاً فهو هذا فسمعت هاتفاً يقول يا سري فالنفقة التي بلغتك من أين؟ توفي سنة إحدى وخمسين ومائتين.