ومرض ملك الانكثير وركب البحر وأقلع وسلم الأمر إلى الكندهرى ابن أخته من أمه وهو ابن أخت ملك افرنسيس من أبيه.
وعزم السلطان على الحج وصمم عليه وكتب إلى مصر واليمن بذلك فما زال الجماعة به حتى انثنى عزمه فشرع في ترتيب قاعدة القدس في الولاية والعمارة وكان الوالي بالقدس حسام الدين شاروخ وهو تركي وفيه دين وخير وكان قد أحس السيرة وفوض ولاية القدس إلى عز الدين جرد بك وكان أميراً معتبراً شجعاً وولى علم الدين قنصو أعمال الخليل وعسقلان وغزة والداروم وما وراءها وسأل الصوفية عن أحوالهم وزاد في أوقاف المدرسة الصلاحية والخانقاه وجعل الكنيسة المجاورة لدار الاستبارية بقرب قمامة بيمارستان للمرضى ووقف عليه مواضع ووضع فيه ما يحتاج من الأدوية والعقاقير وفوض النظر والقضاء في هذا الوقف إلى القاضي بهاء الدين يوسف بن رافع بن تميم المشهور بابن شداد لعلمه بكفاءته.
[رحيل السلطان إلى دمشق]
وخرج السلطان من القدس ضحوة الخميس خامس شوال ونزل على نابلس ضحوة يوم الجمعة فشك أهلها على صاحبها سيف الدين علي المشطوب إنه ظلمهم فأقام السلطان بها إلى ظهر يوم السبت حتى كشف ظلا متهم ورحل بعد الظهر وأصبح على جبينين ثم رحل إلى بيسان ثم إلى قلعة كوكب ثم سار ونزل بظاهر طبرية ولقيه هناك بهاء الدين قراقوش وقد أخرج ممن الأسر ثم رحل ونزل بقرب قلعة صفد تحت الجبل وصعد السلطان إليها وأمر بعمارتها ثم سار إلى أن خيم على مرج تبين وتفقد أحوالها وأمر بعمار قلعتها ثم سار ونزل على عين الذهب ورحل وخيم بمرج عيون ثم سار وعبر من عمل صيدا وكلما نزل في مكان يدبر أمره ويرتب أحواله ويأمر بعمارته إلى أن وصل بيروت فتلقاه وإليها عز الدين أسامة وقدم للسلطان ولأركان دولته الهدايا والتحف النفيسة.