واستأنف الإفرنج عمل ذبابة في رأسها شكل عظيم يقال له الكبش وقد سقفوها مع كبشها بأعمدة الحديد وألبسوا رأس الكبش بعد الحديد بالنحاس خشية عليها من النار وسحبوها فأنزعج المسلمون لذلك وقالوا ليس في هذه حيلة ثم نصب المسلمون مناجيق ورموا بالحجارة فنفر من حولها من الرجال ثم قذفوها بالنار فدخلت من باب الذبابة فاشتعلت النار فيها وخرج منها الإفرنج واحترقت تلك الذبابة ورموها بالمناجيق حتى انهدمت وخرج المسلمون من الثغر وقطعوا رأس الكبش واستخرجوا ما تحت الرماد من الحديد وحملوا منه ما استطاعوا وحصل بذلك النصرة للمسلمين والخذلان للمشركين وكان ذلك يوم الاثنين ثالث عشر رمضان واحترقت البطة يوم الأربعاء خامس عشر.
واتفق في يوم الاثنين هذا من العدو وعل البلد الزحف الشديد ورموا بالمناجيق وخرج المسلمون فطردوهم إلى خيامهم.
[ذكر غير ذلك من الحوادث]
وصل الخبر أن صاحب أنطاكية تحرك على المسلمين فسربت له الكمائن فخرجوا عليه وقتلوا أكبر رجاله وفي هذا التاريخ ألقت الريح بساحل الذيب بطتين خرجتا من عكا بجماعة من الرجال والصبيان والنساء وحصل بين المسلمين والكفار وقائع وغنم المسلمون من الكفار.
وفي عشية الاثنين تاسع رمضان رحل السلطان إلى منزل يعرف بشعزعم لما بلغه من تحرك الإفرنج فخيم هناك وشرع يتواقع هو والإفرنج في كل وقت وغلت الأسعار عند الإفرنج واشتد بهم البلاء وخرج منهم جماعة ولجؤا إلى السلطان مما أصابهم من الجوع فقبلهم وأحسن إليهم فمنهم من اعتذر ومنهم من أسلم وصار في خدم السلطان.