التوعك بالقدس كان في خلوة بالمدرسة الجوهرية وإذا باليهود قد حضروا وجلسوا على باب الخلوة التي هو بها وتكلموا في أمر الكنيسة وما حصل لهم من أذن القاضي الحنفي في إعادتها فقال بعضهم لبعض هذا عيد مبارك بإعادة هذه الكنيسة فما نسمي هذا العيد؟ فقالوا نسميه عيد النصر فلما سمع القاضي شهاب الدين بن جبيلات الشافعي ذلك اقشعر جسده وانزعج وبادر بالخروج من القدس وتوجه إلى القاهرة واستغفر الله مما وقع منه وقد سمعت هذا الكلام من لفظه بالقاهرة على هذه الصفة في سنة أربع وثمانين.
وأما الحنفي فإنه استمر مقيما بالقدس إلى أن كملت عمارتها.
ولما أذن في إعادتها امتنع شهود بيت المقدس من كتابة مستند بذلك فكتب هو بخطه ورقة بالأذن لليهود في ذلك.
وكان بالقدس رجل اسمه إسماعيل البناء تعين لبنائها فبات تلك الليلة فرأى النبي ﷺ فقال له يا إسماعيل أنت تصلي علي في كل يوم وليلة وتبني مكانا أسب فيه فامتنع من بنائها فوعد بمال له صوره فلم يلتفت إليه وتولى بناءها من كتب عليه الشقاوة ولما وقع ذلك كنت مقيما بالقاهرة وبلغني عن هذا البنا انه رأى النبي ﷺ ونهاه عن البناء ولم أتحقق كيف وقع القول فلما قدمت بيت المقدس في أواخر سنة أربع وثمانين وجدته حيا فسألته عن حقيقة الرؤيا فأخبرني بها من لفظه - كما تقدم ذكره -.
ولما انتهى بناء الكنيسة عاد الحنفي إلى القاهرة وقد أسكن الله مقته في قلوب العباد وصار يدعى بقاضي الكنيسة وبلغني انه لما وصل إلى القاهرة استدعى كبير اليهود وقال له أبشرك إنني بنيت لك الكنيسة أعلى مما كانت بكذا - وأشار بذراع يده - ومما وقع له انه كان يكتب علامته على المستندات الشرعية الحمد لله رب العالمين حمد الشاكرين فلما عمر الكنيسة وعاد إلى القاهرة كتب الحمد لله الذي أعلى معالم العلم واعلامه فنكت عليه بعض الظرفاء من الفقهاء