فتسامع المسلمون يهم فخرجوا إليهم وزحفوا عليهم وطردوهم وأحاطوا بهم ورموهم حتى فرغ النشاب فلما علم الإفرنج بذلك تجاسروا وحملوا حملة واحدة حتى ردوا المسلمين إلى النهر فثبت جماعة واستشهد جماعة ودخل الليل وحال بين الفريقين.
[(فتح شقيف أرنون)]
وفي يوم الأحد خامس عشر ربيع الأول تسلم بالأمان شقيف أرنون وكان صاحب صيدا معتقلاً بدمشق لأجله فسلمه بما فيه وأخرج عنه وسار إلى صور ورحل السلطان ونزل على تل كيسان يوم الأربعاء ثامن عشر ربيع الأول.
[(مقاتلة الإفرنج عكا)]
وكان السلطان قد رتب طيوراً البطاقات منه إلى من بعكا وتعيد إليه الجواب منهم وكان يأتي إليه الخبر أيضاً على يد العوامين في البحر وكان الإفرنج شرعوا ففي عمل أبراج من خشب وأتقنوها وزحفوا فيها إلى السور وتساعدوا على طم الخنادق فوصل إلى السلطان عوام يخبره بالحال فركب وزحف إلى الإفرنج في عشرين من ربيع الأول يوم الجمعة وسار إلى القتال بخيلة ورجله وضايقهم حتى دخل الليل.
فلما أصبح يوم السبت صبحهم بالحرب واستمر إلى آخر النهار وأصبح يوم الأحد على القتال وأيده الله تعالى بالنصر واستمر القتال.
فلما كان يوم السبت الثامن والعشرين من الشهر بعد الظهر وإذا بنار في أحد الأبراج موقدة فأحدقت النار بالبر حتى أحرقته ثم أحرقت البرج الثاني ثم الثالث وسقطت الثلاثة أبراج بقدرة الله تعالى فحصل للمسلمين السرور بذلك ودمر الله الكافرين.