في عشري جمادي الآخرة واستمر إلى آخر رجب يبلغ عدد الأموات في كل يوم إلى ثلاثين وأربعين وفي يوم الجمعة حادي عشري رجب نحو الخمسين وهي أول جمعة ظهر فيها كثرة الأموات واشتد الأمر في شهر شعبان فبلغ العدد في كل يوم فوق المائة وقيل إنه بلغ في اليوم إلى المائة وثلاثين وبلغ العدد بمدينة سيدنا الخليل ﵊ في دون الخمسين.
وتوفي الأمير خضر بك ناظر الحرمين ونائب السلطنة في ليلة الأحد الحادي والعشرين من شعبان وكان لما ولي النيابة في المرة الأولى ساءت سيرته ووقع في أمره ما تقدم شرحه في حوادث سنة اثنتين وتسعين فلما ولي النيابة والنظر في المرة الثانية في سنة ست وتسعين باشر مباشرة حسنة واظهر العدل في الرعية واستعطف خواطر الناس وشرع في سلوك طرق الرياسة واستمر على ذلك إلى أن دخل الوباء فتطير من ذلك وخرج من مدينة القدس إلى ظاهرها وأقام بالكروم أياما واظهر الخوف الزائد فأنكر الناس عليه ذلك فدخل إلى المدينة وأقام يسيرا وتوفيت ابنة له ثم بعد يومين أو ثلاثة توفيت زوجته ثم بعد وفاتها بنحو ستة أيام توفي هو وصلي عليه بالمسجد الأقصى بعد صلاة الظهر من يوم الأحد الحادي والعشرين من شعبان ودفن بتربة ما ملا وكان اسند وصيته لشيخ الاسلام الكمالي ابن أبي شريف - أمتع الله بحياته - فتوجه إلى التربة وتولى أمره ووقف على دفنه وصحبته جماعة من الأعيان وقضاة الشرع الشريف.
واستمر الوباء بالقدس في قوته إلى سلخ شعبان وأفتى خلقا من الأطفال والشباب وأفتى طائفة الهنود عن آخرهم وكذلك الحبش ومات جماعة من الأخيار الصالحين منهم الشيخ عبد السلام الرضي الحنفي وتقدم ذكر ترجمته ومنهم الشيخ جبريل الكردي الشافعي وكان من أهل الفضل ومن أصحاب شيخ الاسلام الكمالي ابن أبي شريف.
ومنهم الشيخ الصالح الفاضل يوسف السليماني الحنفي نائب إمام الصخرة