قريباً من سبع عشرة سنة وهو أول الملوك بالديار المصرية بعد انقراض الدولة الفاطمية قال العيني وهو أول من لقب بالسلطان والذي يظهر إن مراده أول من لقب بالسلطان من ملوك مصر والله أعلم فإني رأيت في التواريخ من لقب بالسلطان من ملوك العراق قبل الملك صلاح الدين.
وخلف سبعة عشر ولداً ذكراً وابنه صغيرة ولم يخلف في خزانته سوى دينار واحد وستة وثلاثين درهما ناصرية وهذا من رجل له الديار المصرية والشام وبلاد المشرق واليمن دليل قاطع على فرط كرمه ولم يخلف داراً ولا عقاراً ولم يكن له فرس يركبه إلا وهو موهوب أو موعود به وكانت مجالسه منزهة عن الهزؤ والهزل ولم يؤخر صلاة عن وقتها ولا صلى إلا في جماعة وكان شافعي المذهب يكثر من سماع الحديث النبوي وقرأ مختصراً في الفقه تصنيف سليم الرازي وكان إذا عزم على أمر توكل على الله وكان حسن الخلق صبوراً على ما يكره كثير التغافل عن ذنوب أصحابه يسمع من أحدهم ما يكره ولا يعلمه بذلك ولا يتغير عليه وكان يوماً جالساً فرمى بعض المماليك بعضاً بسر موزة فأخطأته ووصلت إلى السلطان فأخطأته ووقعت بالقرب منه فالتفت إلى الجهة الأخرى ليتغافل عنها.
وكان طاهر المجلس فلا يذكر أحد في مجلسه إلا بخير وطاهر اللسان فلا يولع بشتم قط.
وقد أخبرت أن الدعاء عند قبره مستجاب وكذلك عند قبر الملك العادل نور الدين الشهيد رحمة الله تعالى عليهما.
وقد رثى الملك صلاح الدين الشعراء وأكثروا فيه ومن أحسن المراثي مرثية العماد الكاتب وهي مائتان واثنان وثلاثون بيتاً فمنها: