أرسل الملك الأفضل الكتب بوفاة والده إلى أخيه العزيز عثمان بمصر والي أخيه الظاهر الغازي بحلب والي عمه الملك العادل بالكرك.
ثم أن الملك الأفضل عمل لوالده تربة بالقرب من الجامع الأموي - وكانت داراً لرجل صالح - ونقل إليها السلطان يوم عاشوراء سنة اثنتين وتسعين وخمسمائة ومشى الأفضل بين يدي تابوته وأخرج من باب القلعة على دار الحديث إلى باب البريد وأدخل إلى الجامع ووضع قدام الستر وصلى عليه القاضي محيي الدين بن القاضي زكي الدين بالجامع الأموي ثم دفن وجلس ابنه الملك الأفضل في الجامع ثلاثة أيام للعزاء.
وأنفقت ست الشام بنت أيوب أخت السلطان في هذه النوبة أموالاً عظيمة وكان عمر السلطان حين وفاته قريباً من سبع وخمسين سنة لأن مولده بتكريت في شهور سنة اثنتين وثلاثين وخمسمائة لما كان عمه وأبوه بها وكان خروجهم منها في الليلة التي ولد فيها فتشاءموا به وتطيروا منه فقال بعضهم لعل فيه الخيرة وما يعلمون فكان كما قال.
واتفق أهل التاريخ على أن أباه وأمه من دوين - بضم الدال المهملة وكسر الواو وسكون الياء المثناة من تحتها وبعدها نون - وهي بلدة في خر عمل أذربيجان وإنهم أكراد روادية ولم يزل صلاح الدين تحت كنف أبيه حتى ترعرع ولما ملك نور الدين محمود بن عماد الدين زنكي دمشق لازم نجم الدين أيوب خدمته وكذلك ولده الملك صلاح الدين ولم تزل مخائل السعادة عليه لائحة والنجابة له ملازمة تقدمه من حالة إلى حالة ونور الدين يرى له ويؤثره ومنه تعلم صلاح الدين طريق الخير وفعل المعروف والجهاد إلى أن كان من تقدير الله ما سبق شرحه من أمر سلطنته وسيرته.
وكانت مد ملكه بالديار المصرية نحو أربع وعشرين سنة وملك الشام