وقد وقف عليه الملك العزيز أبو الفتح عثمان بن الملك صلاح الدين يوسف ابن أيوب القرية التي بالقرب من باب الخليل - أحد أبواب مدينة القدس - وهي قرية صغيرة بها دير من بناء الروم يعرف قديما بدير مارفيوس ويعرف الآن بدير أبي ثور نسبة إليه وكان الوقف من الملك العزيز في الخامس والعشرين من شهر رجب الفرد سنة أربع وتسعين وخمسمائة ولما توفي دفن بالقرية المذكورة وقبره بها ظاهر يزار وله ذرية وهم مقيمون هناك.
ومما يحكى عنه أنه كان مقيما بالدير المذكور وكان إذا قصد إبتياع شيء من المأكول كتب ورقة بما يريده ووضعها في رقبة ثوره وسيره فيحضر الثور إلى القدس إلى أن يأتي إلى حانوت رجل كان يتعاطى حوائج الشيخ فيقف عنده فيأخذ ذلك الرجل الورقة ويقرأها ويأخذ للشيخ ما طلب فيها ويحمله للثور فيرجع الثور إلى الشيخ بمكانه وهذا من جملة كراماته ﵁.
الشيخ الزاهد أبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن أحمد القرشي الهاشمي الصالح الناسك صاحب الكرامات الظاهرة كان من السادات الأكابر والطراز الأول وأصله مغربي من الجزيرة الخضراء من بر الأندلس وهي مدينة قبالة سبتة قدم إلى مصر وانتفع به من صحبه أو شاهده وكان يعد جماعته الذين صحبوه بأشياء من الولايات والمنصب العالية وصحت كلها ونقل عنه إن الانسان إذا خاف من التخمة من كثرة الأكل وقال عقب رفع المائدة وفراغه من الكل (الحمد لله لم يضره ذلك) قال أبو عبد الله القرشي اليوم يوم عيد لم يضره ذلك وكان أهل مصر يحكون عنه أشياء خارقة وله كلام مدون.
قدم بيت المقدس وأقام به إلى أن توفي في سادس ذي الحجة سنة تسع وتسعين وخمسمائة وله خمس وخمسون سنة ودفن بما ملا وقبره ظاهر يزار وقد جدد عمارة ضريحه الشيخ أبو بكر الصفدي في شهور سنة اثنتين وعشرين وسبعمائة وإلى جانبه دفن الشيخ شهاب الدين بن أرسلان الآتي ذكره إن شاء الله تعالى وقد