فلم يزل موسى ﵇ يسير حتى صار في أرض مدين في اليوم السادس والسابع وبه جهد من الجوع والعطش وإذا بجماعة من أهل مدين على بئر لهم دون أغنامهم فنظر موسى امرأتين تذودان - أي تمنعان - أغنامهما عن الماء من الرعاة وهو ما بين العشر إلى الأربعين فقال موسى للمرأتين ما خطبكما؟ ما قصتكما - قالتا لا نسقي حتى يصدر الرعاء - أي يصرفوا مواشيهم عن - لأننا امرأتان لا نطيق أن نسقي ولا نستطيع أن نزاحم الرجال وأبونا شيخ وهو شعيب نبي القوم وكلهم يحسدونه على ما تاه الله من الغنم وغيرها وقال لهما موسى وهذا الماء لهم خاصة؟ قالتا لا بل لجميع الخلق.
وكانوا إذا فرغوا عمدوا إلى حجر كبير عظيم يطبقونه على رأسا البئر لا يقدر على تنحيته.
فسكت موسى ﵇ حتى فرغ الناس من سقي أغنامهم فاجتمعوا وطبقوا وانصرفوا فقام موسى ﵇ وقال للمرأتين قربا أغنامكما إلى الحوض إنه تقدم إلى البئر وضرب الصخرة برجله فرماها أربعين ذراعاً ضعفه من الجوع وافرغ من سقي أغنامهما تولى إلى الظل وهي شجرة كانت هناك فقال (رب لما أنزلت إلي من خير فقير).
فانصرفت المرأتان إلى أبيها شعيب وأخبرتاه بما كان فقال لأحدهما فأتني به فأقبلت إلى موسى وأومأت إليه وقالت إن أبي يدعوك ليجزك أجر ما سقيت لنا فقام موسى ومرت المرأة بين يديه فكشف الريح عن ساقها فقال لها موسى تأخري خلفي ودليني على الطريق فتأخرت وكانت تقول يمينك عن شمالك خلفك وقدامك حتى وقف على باب شعيب فبادرت المرأة أبيها وأخبرته فأذن له بالدخول - وشعيب يومئذ شيخ كبير وقد كف بصره -.