إلى المسجد الشريف وأغلقوا الأبواب ودخل جماعة الدارية إلى القلعة وتحصنوا بها وكانت حادثة فاحشة لم يسمع بمثلها في هذه الأزمنة.
ورفع الأمر للسلطان فسير الأمير علي باي الخاصكي للكشف عن ذلك وتحريره فحضر إلى القدس الشريف في يوم الثلاثاء من عشر جمادي الآخرة ونزل بدار طوغان برأس درجة المولة وكان ظالما عسوفا جبارا عنيدا ميالا يقرأ ولا يحسن الكلام بالعربي فوقع له انه صلى الصبح بقبة الصخرة في يوم كثير المطر فرأى الشيخ زين الدين عبد القادر بن قطلوشاه المقري يمشي على صحن الصخرة بالقبقاب فأخذه وتوجه به إلى منزله وضربه ضربا مبرحا ورسم عليه ولم يفلته إلا بمشقة بمساعدة ناظر الحرمين ابن النشاشيبي والقاضي شهاب الدين بن عبية.
ثم توجه إلى بلد الخليل صحبة الناظر ونائب السلطنة الأمير جقمق والقاضي الشافعي شهاب الدين بن عبية والقاضي الحنفي خير الدين بن عمران والقاضي الحنبلي كمال الدين النابلسي وكان القاضي نور الدين المدرس المالكي قد توفي إلى رحمة الله فتوجهوا إلى بلد سيدنا الخليل ﵇ وجلسوا ومعهم أكابر بلد الخليل وكتبوا محاضر بما وقع من النهب والقتل والسبي في ذلك ثم قبض الخاصكي على أكابر بلد الخليل من القضاة والمشايخ وطلب منهم اثني عشر ألف دينار وتوجه وهم معه معتقلا عليهم إلى أن وصل إلى مدينة غزة فقتله يشبك العلائي نائب غزة بمرسوم شريف ورد عليه من السلطان خفية وأشاع أنه دخل إلى الإصطبل ليأخذ فرسا طلبها من النائب فوقع عليه حائط فمات وكان موته في يوم الأربعاء حادي عشر رجب وثارت فتنة بسببه بالقاهرة من المماليك الجلبان واعتذر لهم السلطان وأنكر ان يكون أمر نائب غزة بقتله وحلف على ذلك.
ومما وقع انه لما ضرب الشيخ زين الدين عبد القادر بن قطلوشاه - كما تقدم - وكان من أهل القرآن وضرب بغير حق وكان يتضرع إلى الله ويدعو عليه فبينا هو ذات ليلة نائم في فراشه والى جانبه زوجته وهي ابنة عمه إذ سمعته وهو نائم