الطيب بدون خمسين درهما وباقي الناس يأخذون الزيت كل قنطار بخمسة عشر دينارا ذهبا ويبيعونه بمائتي درهم وخمسين درهما فضة فكانت الخسارة أكثر من الثلثين.
ثم جهز دقماق دواداره طرباي إلى بلد سيدنا الخليل ﵇ ورمى على أهل بلد الخليل جانبا من الزيت ورسم عليهم إلى أن استوفى منهم الثمن وحملت إلى مخدومه.
وكانت محنة فاحشة لم يسمع بمثلها في عصر من الأعصار بل ولا في ملة من الملل خصوصا في مثل هذه البقعة الشريفة التي فيها أحد المساجد الثلاثة التي تشد لها الرحال وعند مقام نبي الله وخليله إبراهيم ﵇ فالحكم لله العلي الكبير.
ثم توجه دقماق والسيفي قانصوه - المذكوران - بالمبلغ المقبوض ثمنا عن الزيت وهو نحو عشرين ألف دينار إلى مخيم لأمير الدوادار بظاهر مدينة الرملة فانتقم الله تعالى من دقماق أشد انتقام وعزل الأمير دوادار كبير من نظر الحرمين ونيابة السلطنة وأخرجه الله من الأرض المقدسة فسبحان المنتقم بعدله.
وفيها استقر الأمير خضر بك الذي كان نائب القدس الشريف في نظر الحرمين ونيابة السلطنة بالقدس وبلد سيدنا الخليل ﵊ عوضا عن دقماق - المتقدم ذكره - وألبس الخلعة من حضرة دوادار السلطان بظاهر مدينة الرملة في يوم الثلاثاء رابع شهر جمادي الأولى وهو اليوم الذي سافر فيه الأمير دوادار من الرملة قاصدا الأبواب الشريفة ودخل إلى القدس الشريف في يوم الاثنين عاشر جمادي الأولى ومعه من الخلق والعشير ما لا يحصيهم إلا الله تعالى وكان يوما مشهودا لدخوله لم ير مثله لدخول حاكم في هذه الأزمنة واستبشر الناس بولايته وحصل الأمن في الطرق وردع المناحيس.
وكان قبل ذلك بيسير في شهر ربيع الآخر برز الأمر الشريف باخراج مدينة الرملة عن نائب الشام الأمير قانصوه اليحياوي وإضافتها إلى ملك الأمراء أقباي نائب غزة المحروسة ولم تجر بذلك عادة قبل هذا التاريخ ثم في شهر شعبان