ولما ضاق بالإفرنج الأمر تشاوروا وعزموا على المصادمة فخرجوا في عدد كثير وذلك في يوم الاثنين حادي عشر شوال بعد أن رتبوا على البلد من يحصرها وكان اليزك على تل الصياصة ونزل العدو تلك الليلة واتصل خبرهم بالسلطان فرحل الثقل وبقي الناس على جرائد الخيل وسار العدو يوم الثلاثاء والعساكر في أحسن أهبة وامتد الجيش في الميمنة إلى الجبل وفي الميسرة إلى النهر بقرب البحر والسلطان في القلب.
فسار حتى وقف على تل عند الخروبة وحوله أولاده وأخوه وخواص أمرائه وأمراء القبائل من الأكراد وسار الإفرنج شرقي النهر مواجهين حتى وصلوا إلى رأس النهر فانقلبوا الغربية ونزلوا التل بينه وبين البحر والسلطان في خيمة لطيفة يشاهد القوم.
وأصبح الإفرنج يوم الأربعاء راكبين إلى صحوة النهار والمسلمون قد قربوا منهم فأحس الإفرنج بالخذلان فساروا وولوا مدبرين فتبعهم عسكر الإسلام ورموهم بالسهام وهم مجتمعون في سيرهم وكلما صرع منهم قتيل حملوه ودفنوه حتى لا يظهر للمسلمين كسرهم ونزلوا ليلة الخميس فقطعوا الجسر وأصبحوا بكرة الخميس وقد دخلوا إلى مخيمهم فعاد السلطان إلى محله وكان مع مع الإفرنج الخارجين المركيس والكندهرى وأقام ملك الألمان على عكا.
[(وقعة الكمين)]
اقتضى رأي السلطان أن يرتب كميناً للعدو فجمع يوم الجمعة الثاني والعشرين من شوال رجاله وأبطاله وانتخب منهم من عرف بالشجاعة وأمرهم أن يكمنوا على ساحل البحر فمضوا وكمنوا ليلة السبت وخرجت منهم عدة يسيرة بعد الصباح