ثم في أوائل شعبان توجه من القدس الشريف كل من النائب وشيخ الاسلام النجمي ابن جماعة والقاضي فخر الدين بن نسيبة ودخلوا إلى القاهرة المحروسة وورد مرسوم شريف لشيخ الاسلام الكمالي ابن أبي شريف بالتكلم على المسجد الأقصى الشريف ومقام سيدنا الخليل ﵇ فتوجه إلى بلد الخليل وأقام نظامه وأصلح أمر السماط الكريم.
ولما وصل الجماعة المطلوبون للقاهرة قدر ان شيخ الصلاحية تكلف مبلغا نحو ألف دينار ورسم باستمراره في وظيفته وعاد إلى بيت المقدس في شهر شوال ودخل في الليل والقاضي فخر الدين بن نسيبة حصل له محنة من السلطان وأخرجه إلى ألواح فأقام بها نحو سنتين ثم في سنة سبع وتسعين رسم بعوده إلى القاهرة فعاد وهو مقيم بها إلى يومنا والله لطيف بعباده وأما النائب فإنه انتمى إلى الدوادار الكبير وبذل مالا ورسم باستمراره في النيابة والنظر.
ومما وقع في هذه الحادثة أنه لما توجه ناصر الدين إمام الصخرة بالمحاضر - كما تقدم - وأشهد عليه دقماق انه عزله مما بيده من نصف إمامة الصخرة وقرر فيها القاضي شهاب الدين بن المهندس فلما وصل النائب إلى القاهرة ورسم له باستمراره في النيابة والنظر حصل لإمام الصخرة ناصر الدين بن الشنتير الاجتماع بالسلطان ولامه على ما صدر منه من التكلم فيما لا يعنيه من سفره بالمحاضر وكونه جعل نفسه قاصدا ووبخه بمثل ذلك فاستغفر الله تعالى وكان من لفظه للسلطان يا مولانا السلطان اعف عني عفا الله عنك ووقع بينهما كلام لطيف من جملته ان السلطان أمره ان يرمي بحضرته النشاب فرمى فأعجب السلطان رميه وأمره ان يجعل عمامته كعمامة الجند كما كانت أولا وحصلت له عناية فرسم السلطان باستمراره في نصف الإمامة على عادته وعزل القاضي شهاب الدين بن المهنس وكتب له توقيع شريف بذلك معناه ان يستقر في نصف الإمامة على عادته وعزل شهاب الدين ابن المهندس الذي قرره السيفي دقماق بغير طريق شرعي ولا مرسوم شريف.