فحضر بعد الشروع في الكشف بنحو ثلاثة أيام وكتب خطه مع الجماعة على المحاضر.
وأصبح الناس في يوم الأحد في الشروع فيما يتعلق بالكشف على النائب وحصل التشديد من الخاصكي عليه واغلظ عليه في القول ووضعه في الترسيم وكتب الجواب للسلطان بمحاضر عليها خطوط أعيان بيت المقدس بما تحرر من أمر النائب وسوء سيرته وما اعتمده في حق الرعية من الظلم وعدم سلوك الطريق الحميدة وخراب المسجد الأقصى الشريف وجهزت المحاضر على يد الإمام ناصر الدين ابن الشنتير إمام الصخرة الشريفة.
فبادر النائب وجهز دواداره طرباي خفية إلى القاهرة واجتمع بالأمير اقبردي الدوادار الكبير وأعلمه بما وقع في حق أستاذه ووعده بمال فانتصر للنائب ثم علم بوصول إمام الصخرة وعلى يده المحاضر فجهز له من تلقاه في ظاهر القاهرة وقبض عليه ووضعه في الترسيم ومنعه من الاجتماع بالسلطان.
واستمر الأمر بالقدس الشريف على ما هو عليه من الكشف على النائب وعقود المجالس نحو ستة وعشرين يوما وحصل للنائب شدة من الإساءة عليه من أقل العوام.
فلما كان في اليوم السادس والعشرين من شهر رجب والناس مجتمعون بالمدرسة الأشرفية من المشايخ والقضاة والخاص والعام إذ ورد مرسوم شريف على يد قاصد النائب طرباي يتضمن الانكار على الخاصكي لما وقع منه في حق النائب لكونه رسم عليه بغير مرسوم شريف وان الأبواب الشريفة اقتضت حضور النائب وشيخ الصلاحية والقاضي فخر الدين بن نسيبة وان الخاصكي يعيد للنائب جميع ما وصل إليه منه حتى النفقة فلما ورد هذا الخبر حصل للنائب الفرج بعد الشدة ودق الطبلخانات للبشرى وشرع في تتبع من أساء الأدب في حقه فاختفى كثير من الناس وانزعج الأكابر وانقلب الأمر بنصرة النائب على من خاصمه واسترجع من الخاصكي كل ما دفعه إليه وكانت فتنة فاحشة.