والله يعلم إني لم أقصد بذلك الفخر ولا أن يقال إني من جملة المصنفين لعلمي بحقيقة حالي في التقصير وأن بضاعتي في العلم مزجاة وإنما دعاني لذلك أن غالب بلاد الإسلام قد اعتنى بها الحفاظ وكتبوا ما يتعلق بتاريخها مما يفيد أخبارها الواقعة في الزمن السابق وبيت المقدس لم أطلع له على شيء من ذلك يختص به وإنما ذكروا في التواريخ أشياء في أماكن متفرقة ورأيت الأنفس متشوقة إلى شيء من هذا النمط الذي قصدت فعله فإن بعض العلماء كتب شيئاً يتعلق بالفضائل فقط وبعضهم تعرض لذكر الفتح العمري وعمارة بني أمية وبعضهم ذكر الفتح الصلاحي واقتصر عليه ولم يذكر ما وقع بعده وبعضهم كتب تاريخاً تعرض فيه لذكر بعض جماعة من أعيان بيت المقدس مما ليس فيه كبير فائدة فأحببت أن أجمع بين ذكر البناء والفضائل والفتوحات وتراجم الأعيان وذكر بعض الحوادث المشهورة ليكون تاريخاً كاملاً والله ﷾ المسؤول وهو المأمول أن يمن علي بتيسير إتمامه وكما وفقني لبدايته يعينني على إكماله وختامه وأن ينفعني والمسلمين بما فيه أنه قريب مجيب وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب.
[نبذة يسيرة من تفسير أول سورة الإسراء وذكر أسماء المسجد الأقصى]
قال الله تعالى في كتابه العزيز - بعد قوله تعالى وهو أصدق القائلين - بسم الله الرحمن الرحيم (سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا أنه هو السميع البصير) قال المفسرون رضي الله تعالى عنهم سبحان هي تنزيه الله تعالى عن كل سوء ووصفه بالبراءة من كل نقص وتكون سبحان بمعنى التعجب أسرى بعبده ليلاً أي سيره والعبد هو محمد ﷺ لم يختلف في ذلك أحد من الأمة من المسجد الحرام يعني مكة إلى المسجد الأقصى هو مسجد بيت المقدس الذي باركنا حوله يعني بالأنهار والأشجار والأثمار.