ودنوا من الإفرنج فطمعوا فيهم وحملوا عليهم وطردوهم فانهزم المسلمون أمامهم حتى وقفوا على الكمين فخرجوا عليهم فلم يستطيع فارس منهم أن يفر فقتل معظمهم ووقع في الأسر خازن الملك وعدة من الافرنسيسية ومقدمهم.
وجاء الخبر للسلطان فركب بمن معه ووقف على تل كيسان وشاهد النصر وجاءه مماليكه بالأسر وترك السلطان الأسلاب والخيول لآخذيها وكانت الأموال عظيمة وجلس السلطان في خيمته وحوله جنده وأنصاره وأحضر الأسر بين يديه وأحس وأطعمهم وألبسهم وألبس المقدم الكبير فروته الخاصة وأذن لهم أن يسيروا غلمانهم لإحضار ما يريدون ثم جهزهم إلى دمشق للاعتقال.
[ذكر غير ذلك من الحوادث]
ثم هجم الشتاء فصرف السلطتان العسكر للاستراحة إلى الربيع وأقام هو على الجهاد ثم نقل الإفرنج سفنهم خوفاً عليها إلى صور وأخلوا ساحل عكا وأقام الملك العادل على البحر فوصل يوم الاثنين ثاني ذي الحجة من مصر سبعة مراكب فيها الغلة فخرج أهل البلد لمشاهدتها والمساعدة في نقلها.
فعلم الإفرنج بخروج أهل البلد إلى جانب البحر فزحفوا زحفاً شديداً وأحاطوا بعكا وأتوا بسلالم فنصبوها على السور وتزاحموا على الطلوع في سلم وتصادموا فاندف بهم السلم فتساقطوا فتداركهم المسلمون وفتكوا فيهم وقتلوا منهم جماعة وردوهم على أعقابهم فلما اشتغل الناس بأمرهم تركوا المراكب وما فيها من الغلال فهاج البحر فكسرت المراكب وتلف ما فيها وغرق ما كان فيها من الأمتعة وهلك بها زهاء ستين نفساً والحكم لله العلي الكبير.
وفي ليلة السبت سابع ذي الحجة وقعت قطعة عظيمة من سور عكا فهدمت منه جانباً فبادر الإفرنج طمعاً في الهجوم فجاء أهل البلد وصدوهم حتى عمر الهدم وجرح من العدو خلق كثير كل ذلك بهمة بهاء الدين قراقوش.