ولما صار لداود ثمان وخمسون سنة وهي السنة والثانية والعشرين من ملكه كانت قصته مع أوريا وزوجته وهي واقعة مشهورة وملخصها ما نقله المفسرون في قوله تعالى (وهل أتاك نبأ الخصم إذ تسوروا المحراب) الآية من قصة امتحان داود ﵇ واختلف العلماء بأخبار الأنبياء في سببه فقال قوم كان سبب ذلك إنه تمنى يوماً من الأيام منزلة آبائه إبراهيم وإسحاق ويعقوب فسأل ربه أن يمتحنه كما امتحنهم ويعطيه من الفضل ما أعطاهم فروي إن داود كان قد قسم الدهر ثلاثة أيام جعل يوماً يقضي فيه بين الناس ويوماً يخلو فيه لعبادة ربه ويوماً لنسائه وأشغاله.
وكان يجد فيما يقرأ من الكتب المتقدمة فضل إبراهيم وإسحاق ويعقوب فقال يا رب أرني الخير كله قد ذهب به آبائي الذين كانوا قبلي فأوحى الله تعالى إليه إنهم ابتلوا ببلايا لم تبتل بها أنت فصبروا عليها ابتلى إبراهيم بنمروذ وناره وذبح ابنه إسحاق وابتلى إبراهيم بنمروذ وناره وذبح ابنه إسحاق وابتلى إسحاق بالذبح وذهاب بصره وابتلى يعقوب بالحزن وذهاب بصره على فقد ولده يوسف فقال داود يا رب لو ابتليتني بمثل ما ابتليتهم لصبرت أيضاً فأوحى الله إليه إني مبتليك في شهر كذا في يوم كذا فاحترس.
فلما كان ذلك اليوم الذي وعده الله فيه دخل داود محرابه وأغلق عليه بابه وجعل يصلي ويقرأ الزبور فبينما هو كذلك إذ جاءه الشيطان وتمثل له في صفة حمامة من ذهب فيها كل لون حسن وقيل كن جناحاها من الدر والزبرجد فوقعت بين رجليه فأعجبه حسنها فمد يده ليأخذها ويريها لبني إسرائيل ليتعجبوا من قدرة الله تعالى فلما قصد أخذها طارت غير بعيد من غير أن تؤيسه من نفسها فامتد إليها ليأخذها فتنحت عن مكانها فتبعها فطارت حتى وقفت في كوة فذهب