وآخر الأمر وقع الاتفاق أن يكون للملك الناصر صلاح الدين ما بيده من الشام وللملك الصالح ما بقي بيده منه فصالحهم على ذلك.
ورحل عن حلب وأخذ عدة أماكن وقلاع ممن هي بيده ثم عاد إلى مصر.
فلما توفي الملك الصالح إسماعيل بن نور الدين في سنة سبع وسبعين وخمسمائة استقر بعده في الملك بحلب عمه عز الدين مسعود.
ثم استقر بحلب عماد الدين زنكي بن مودود صاحب سنجار واستقر مسعود بسنجار بتراضيهما.
ثم في سنة ثمان وسبعين وخمسمائة في خامس المحرم سار الملك الناصر صلاح الدين عن مصر إلى الشام ولم يعد بعد ذلك إلى مصر الآن توفي وسار في طريقه على بلاد الإفرنج وغنم ووصل إلى دمشق في صفر ثم سار في ربيع الأول ونزل قرب طبرية وشن الإغارة على بلاد الإفرنج مثل بيسان وجيبين والغور فغنم وقتل ثم سار إلى بيروت وحاصرها وأغار على بلادها ثم سار إلى عدة بلاد.
وفي السنة المذكورة وهي سنة ثمان وسبعين وخمسمائة قصد الإفرنج المقيمون بالكرك والشوبك المسير لمدينة رسول الله ﷺ لينبشوا قبره الشريف وينقلوا جسده الكريم إلى بلادهم ويدفنوه عندهم ولا يمكنوا المسلمين من زيارته إلا بجعل فأنشأ البرنس ارباط صاحب الكرك سفناً حملها على البر إلى بحر القلزم وركب فيها الرجال وسارت الإفرنج ومضوا يريدون المدينة الشريفة.
فكان السلطان صلاح الدين على حوران فلما بلغه ذلك بعث إلى سيف الدولة بن منقذ نائبه بمصر يأمره بتجهيز حسام الدين لؤلؤ الحاجب خلف العدو.
فاستعد لذلك وسار في طلبهم حتى أدركهم ولم يبق بينهم وبين المدينة الشريفة النبوية إلا مسافة يوم وكانوا نيفاً وثلاثمائة وقد انضم إليهم عدة من العربان المرتدة ففرت العربان والتجأ الإفرنج إلى رأس جبل صعب المرتقى فصعد إليهم في نحو