ثم حصل له توعك واستمر إلى أن توفي في يوم الجمعة بعد فراغ الصلاة سابع عشر ذي الحجة الحرام سنة ست وتسعين وثمانمائة وصلي عليه في يومه بعد صلاة العصر بالمسجد الأقصى ودفن بما ملا إلى جانب حوش البسطامي من جهة القرب فكانت إقامته بالقدس إحدى وستين ويوماً توفي وله خمس وستون سنة عفا الله عنه.
وهو شيخ القاضي شرف الدين يحيى الأندلسي - المتقدم ذكره - وقد كان من قضاة العدل ومما يستدل به على حسن خاتمته سرعة وفاته قبل توغله في الأحكام ودخوله في الأمور المشكلة فإنه باشر الحكم دون الشهر بعفة وتقوى وسيرة محمودة ثم لحق بالله سبحانه والناس راضون عنه.
[(ذكر فقهاء الحنابلة من القضاة والعلماء وطلبة العلم الشريف)]
قد تقدم عند ذكر الفتح الصلاحي انه لما خطب القاضي محيي الدين بن الزنكي أول جمعة بعد الفتح وقضيت الصلاة انتشر الناس وكان قد نصب سرير الوعظ تجاه القبلة فجلس عليه الشيخ زين الدين بن نجية وعقد مجلسا للوعظ وهو الشيخ الإمام الفقيه الواعظ المفسر زين الدين أبو الحسن علي بن رضي الدين أبي الطاهر إبراهيم بن نجا بن غانم الأنصاري الدمشقي المعروف بابن منجة الحنبلي نزيل مصر سبط الشيخ أبي الفرج الشيرازي الحنبلي الذي نشر مذهب الإمام احمد ﵁ بالقدس الشريف وما حوله وتقدم ذكره فيمن كان ببيت المقدس قبل استيلاء الإفرنج عليه ولد الشيخ شمس الدين بن منجه بدمشق سنة ثمان وقيل عشر وخمسمائة وكان من أعيان أهل العلم وله رأي صائب وكان الملك صلاح الدين يسميه عمرو بن العاص ويعمل برأيه ويكاتبه ويحضر مجلسه وله جاه عظيم وحرمة زائدة حضر فتح بيت المقدس مع الملك صلاح الدين وجلس للوعظ عقب صلاة الجمعة بالمسجد الأقصى - كما تقدم - وكان مجلسا حافلا حصل له الأنس والبهجة