وانقطع عنهم النيل فضجوا إلى فرعون فخرج بهم على أن يجري لهم النيل فلما قرب من النيل أوقفهم وانفرد عنهم بحيث لا يرونه فنزل عن فرسه ومرغ وجهه على الأرض ورفع يديه إلى السماء وقال إلهي وسيدي ومولاي علمت إنك إله السماء والأرض لا إله فيهما سواك حلمك الذي حملني إن أسألك ما ليس بحق وأنت المتكفل بالأرزاق اللهم إني أسألك إن تجرى لهم هذا النيل.
قال فأجرى الله لهم النيل فلما رآه القوم ظنوا إنه أجرى لهم النيل فسجدوا له وازدادوا كفراً وعصياناً وقالوا قد أتانا بالماء والنيل في طاعته وعلم الله منه إنه لا يزداد إلا كفراً لكنه أراد أن يؤكد الحجة عليه.
وبلغ ذلك موسى وهارون فتعجبا من لطف الله تعالى.
[قصة غرق فرعون وخروج موسى من مصر]
ثم أوحى الله إلى موسى إن قد اقترب أجل فرعون وهلاكه وأهبط الله تعالى جبريل ﵇ على صورة رجل حسن الوجه فدخل على فرعون فقال له فرعون من أنت؟ قال أنا عبد من عبيد الملك جئتك مستفتياً على عبد من عبيدي مكنته من نعمتي فاستكبر وبغى وجحد حقي وتسم باسمي وادعى في جميع ما أنعمت عليه إنه له فقال فرعون بئس ذلك العبد بين العبيد فقال جبريل ﵇ فما جزاؤه؟ قال يغرق في البحر قال جبريل ﵇ إني أسألك إن تكتب لي خطاً بيدك فكتب له خطاً بيده.
فأخذ جبريل وخرج من عنده حتى صار إلى موسى فأخبره بذلك وقال له إن الله يأمرك أن ترحل من موضعك فنادى موسى في بني إسرائيل بالرحيل ارتحلوا وهم يومئذ ستمائة ألف.
فلما سمع فرعون ذلك نادى في جنوده وكان في كثرة لا يحصون عدداً.