كان الإفرنج لما صح عندهم وصول ملك الألمان إلى البلاد في جميع كبير قالوا إذا جاء صار الأمر له ولا يبقى لنا كلام معه فنحن نهجم على المسلمين ونظفر بهم قبل قدومه فخرجوا ظهر يوم الأربعاء لعشرين من جمادى الآخرة في جمع كبير وقصدوا مخيم الملك العادل فوقف الملك العادل.
ومن معه من الأمراء وحمل معه العسكر الحاضر قبل أن تتصل به بقية العساكر فكسر الإفرنج كسرة فاحشة وركبت العادلية أكتافهم وحكموا فيهم السيوف.
وكان السلطان قد ركب مع جماعة من المماليك فوصل وشاهد ما سره وقتل من الإفرنج زهاء عشرة لاف ولم يبلغ من استشهد من المسلمين عشرة أنفس وكتب السلطان إلى بغداد ودمشق وغيرهما يبشر بذلك.
(ذكر ما تجدد للإفرنج بوصول الكندهرى)
وما زال الإفرنج في وهن وضعف حتى وصل من البحر رجل يقال له كندهرى وهو عندهم عظيم القدر أفاض عليهم الأموال فوق أهل الكفر وشاع هذا الخبر فتشاور السلطان وأكابره ورحل يوم الأربعاء السابع والعشرين من جمادي الآخرة إلى منزله الأول بالخروبة واشتغل بتدبير أمره والأخبار متواردة من عكا مع السباحين وبطاقات الحمام وأخبار ملك الألمان متواصلة بضعف حاله وتلاشي أحواله.
[(حريق المنجنيقات)]
وفي رجب من السنة المذكورة أنفق الكندهري على الرجال فأعط عشرة آلاف رجل في يوم واحد ليجدوا معه في القتال وضايق عكا ونصب عليها المناجيق