فاشتد عزم المسلمين ممن بعكا وخرجوا بالفارس والراجل وحالوا بين الإفرنج وبينهما وخرج الزراقون من البلد ورموا النار فيها فاحترق جميعها وقتل فيذلك اليوم من الأفرنج سبعون فارساً وأسر منهم خلق كثير فخمد الإفرنج بذلك وكان من جملتها منجيقان كبيران مصروف أحدهما ألف وخمسمائة دينار وكان ذلك في الليلة الأولى من شعبان.
[(وصول ولد ملك الألمان الذي قام مقام أبيه إلى الإفرنج بعكا)]
وصل إلى السلطان خبر وصوله في سادس شعبان وحذرهم من شاهدهم بخمسة ألفاً ووصل في البحر إلى عكا آخر النهار سادس شهر رمضان فرآه الإفرنج وليس له وقع فقالوا ليته لم يصل إلينا فأخذ يحرضهم ويقوى عزمهم فعرفوه قوة بأسس المسلمين فأظهر لهم قوة وعزماً فلما عرفوا جهله قالوا له نخرج للمسلمين لعلنا نظفر بهم فاجتمعوا وساروا إلى مخيم السلطان.
فركب من خيمته وتقدم إلى تل كيسان ووقف ينهض العسكر وحال بينهم الليل وحصل للألمان مشقة فلما لم يبلغوا قصدهم من العسكر أخذوا في القتال البلد وحصاره.
[(ذكر برج الذبان)]
وعند ميناء عكا في البحر برج يعرف ببرج الذبان منفرد عن البلد قصد الإفرنج حصاره قبل مجيء ملك الألمان في الثاني والعشرين من شعبان بمراكب جهزوها من البحر وشحنوها بالآلات والعدد ومنها مركب عظيم لما قرب من البرج رميت عليه النار فاحترق بكل ما فيه وملؤا بطة أخرى بالأحطاب فسر فيها النفط فأحرقها وكان الإفرنج في مراكب من ورائها فانقلب الريح على الإفرنج وتطاير الشرر من بطة الحطب وعاد الإفرنج فالتهبوا وانقلب بهم السفينة فاحترقوا وغرقوا واحتمى برج الذبان فلم يظفروا منه بشيء.