إن شاء الله لمهتدون) فأوح الله إليه (إنها بقرة لا ذلول تثير الأرض ولا تسقي الحرث) أي مذللة للعمل تثير الأرض تقبلها للزراعة ولا تسقي الحرث أي إنساني (مسلمة - بريئة من العيوب - لا شية فيها) وإنما لونها واحد.
فلما سمعوا ذلك من موسى اجتهدوا في طلبها فلم يجدوا هذه الصفة إلا عند ميشا البار بأمه ولو كانوا في ابتداء الأمر ذبحوا بقرة سواها كانت أغنت عنها بظاهر الأمر الأول غير إنهم شددوا على أنفسهم فشدد الله عليهم.
فجاؤوا إلى ميشا ليبعهم البقرة فامتنع وقال إنا أبيعها لموسى فرضوا بذلك وأخرج ميشا بقرته وسار بها إلى موسى فقال له موسى بكم هذه؟ فقال ميشا البار بأمه أبيعها بملأ جلدها ذهباً لا يزيد ولا ينقص فقالوا له هذا شيء كثير لا قدر لنا عليه فقال لهم موسى ﵇ إن ذلك من أجل تشديدكم في الأمر فضمن موسى ثمن البقرة على بني إسرائيل وسلم إليهم البقر، قال الله تعالى (فذبحوها وما كادوا يفعلون) يعني ما كادوا معتقدين بوفاء ثمنها فلما ذبحوها قطعوا ذنبها وضربوا به القتيل فاستوى قاعداً فسألوه عن الذي قتله فقال لهم قتلني فلان وفلان ثم خر ميتاً فقتلهما موسى ﵇ بذلك القتيل ثم أمرهم بسلخ البقرة فسلخوها وملئوا جلدها ذهباً ودفعه موسى لصاحبها ميشا وذلك قوله تعالى (فقلنا اضربوه ببعضها كذلك يحيي الله الموتى ويريكم آياته لعلكم تعقلون).
[ذكر وفاة هارون ﵇]
ثم نظر هارون إلى الجبل بالتيه وهو بعيد عن معسكر بني إسرائيل فقال يا موسى ألا تنظر إلى ذلك الجبل وما فيه من الخضرة؟ فقال له بلى ولكن إلى غذ إن شاء الله نمضي إليه فلما كان من الغد مضيا إليه ومع هارون أولاده فلما وصلوا الجبل وإذا فيه كهوف كثيرة وإذا بكهف منها يسطع منه النور فتبادروا