شيركوه إلى مصر مرة بعد أخرى حتى ملكها وتوفي في هذه السنة على ما ذكرناه.
ولما توفي شيركوه طلب جماعة من الأمراء النورية التقدم على العسكر وولاية الوزارة العاضدية فأحضر العاضد صلاح الدين وولاه الوزارة ولقبه الملك الناصر وثبت قدمه على إنه نائب لنور الدين يخطب له على المنابر بالديار المصرية وكان نور الدين يكتب لصلاح الدين الاسفهسلار ويكتب علامته على رأس الكتاب تعظيماً عن أن يكتب اسمه وكان لا يفرده بكتاب بل إلى الأمير صلاح الدين وكافة الأمراء بالديار المصرية يفعلون كذا وكذا.
ثم أرسل صلاح الدين يطلب من نور الدين أباه أيوب وأهله ليتم له السرور وتكون قضيته مشاكلة لقضي يوسف الصديق ﵇ فأرسلهم إليه نور الدين فوصل والده إليه في جماد الآخرة سنة خمس وستين وخمسمائة.
وسلك مع والده من الدب ما جرت به عادته وألبسه الأمر كله فأبى أن يلبسه فحكمه في الخزائن كلها وأعطى صلاح الدين أهله الاقطاعات بمصر وتمكن من البلاد وضعف أمر العاضد.
وفي هذه السنة وهي سنة خمس وستين وخمسمائة سار الإفرنج إلى دمياط وحاصروهم وشحنها صلاح الدين بالرجال والسلاح فحاصروها خمسين يوماً وخرج نور الدين فأغار على بلادهم بالشام فرحلوا عائدين على أعقابهم ولم يظفروا بشيء منها.
وفي سنة ست وستين وخمسمائة سار صلاح الدين من مصر فغزا بلاد الإفرنج قريب عسقلان والرملة وعاد إلى مصر ثم خرج إلى أيلة وحاصرها وهي للإفرنج على ساحل البحر الشرقي ونقل إليها المراكب وحاصرها براً وبحراً وفتحها في العشر الأول من ربيع الآخر واستباح أهلها وما فيها وعاد إلى مصر وعزل قضاة المصريين وكانوا شيعة ورتب قضاة شافعية وذلك في العشرين من جمادي الآخرة سنة ست وستين.