وثمانين - كما تقدم - والبس القاضي فخر الدين بن نسيبة كاملية على سمور وأذن له في السفر فتوجه هو والقاضي زين الدين عبد الباسط الحنبلي من القاهرة ودخلا إلى القدس الشريف في يوم الاثنين ثاني عشر شعبان وكل منهما لابس خلعته وقرئ توقيع القاضي في يوم الجمعة ثاني عشري شعبان.
وفيها في شهر رمضان ورد الخبر إلى القدس الشريف ان الأمير يشبك الدوادار الكبير قتل في التجريدة في مملكة الشرق وأشاع ذلك رجل اسمه يحيى ابن جرار الفطايس فبلغ النائب الأمير محمد بن أيوب ذلك فطلب يحيى المذكور وضربه بالمقارع لكونه أشاع ذلك ثم تواترت الاخبار بتقله وصحت وأرخ يوم قتله فكان في ذلك اليوم الذي تحدث الناس به بالقدس الشريف وكان قتله بأرض الرها من ملك العجم.
وفيها وقعت فتنة بالقدس الشريف سببها ان الأمير ناصر الدين بن أيوب نائب القدس قبض على جماعة من بني زيد وقتلهم فحضر إلى القدس جمع كبير من جماعة المقتولين وعصبتهم وهجموا على مدينة القدس في يوم الاثنين ثاني عشري شوال فعلم بهم النائب فركب من منزله وتوجه إلى نحو باب الأسباط فأدركه القوم وقصدوه فدخل وهو راكب إلى المسجد من باب الأسباط واستمر راكبا إلى أن خرج من باب المغاربة وهجم العشير إلى داخل المسجد والسلاح مشهور بأيديهم لقصد قتله فنجا منهم بإسراعه بالخروج من باب المغاربة وكسر باب السجن وأخرج من به من المسجونين وبادر التجار بتوزيع ما في حوانيتهم وقتل ثلاثة أنفار وجرح جماعة وشرع العرب في قطع الطرق وايذاء الناس وحصل الارجاف في الناس وأغلقت الأسواق والمنازل خشية النهب وكانت فتنة فاحشة.