وفي شهر ذي الحجة بعد عيد الأضحى توجه القاضي شمس الدين محمد بن مازن المالكي إلى محل وطنه بغزة واستخلف عنه في الحكم القاضي كمال الدين أبو البركات بن الشيخ خليفة على عادته.
ثم دخلت سنة خمس وتسعين وثمانمائة فيها قحط المطر ببيت المقدس حتى مضى غالب الشتاء وانزعج الناس لذلك وصاموا ثلاثة أيام ثم استسقوا في صبيحة يوم الأحد خامس عشر ربيع الآخر بالصخرة الشريفة وخطب الخطيب شرف الدين ابن جماعة خطبة بليغة وتضرع وابتهل وضج الناس إلى الله بالدعاء ودخلوا إلى الجامع الأقصى بالذكر والتهليل ثم انصرفوا ولم يسقوا في يومهم فجزع الناس لذلك وتضرعوا إلى الله تعالى.
فلما مضى النهار وأقبلت ليلة الاثنين أغاث الله عباده بالمطر الغزير فامتلأت الآبار ورويت الأرض وأظهر الله إجابة دعاء عباده الضعفاء فاطمأن الناس وحمدوا الله وأثنوا عليه وله الحمد والمنة.
وفيها اشتد الأمر بسبب التجريدة لقتال بايزيد خان بن عثمان خان ملك الروم وتجهيز الرجال من جبل القدس وجبل الخليل وغيرهما وتوجه الأمير أزبك أمير كبير وصحبته المراء والعساكر فلما وصل إلى مدينة الرملة كتب مرسومه إلى بيت المقدس إلى مشايخ الاسلام والقضاة بسبب رهبان دير صهيون وما أنهوه من جهة القبو الذي يقال إن به قبر داود ﵇ وان يحرر الأمر فيه وإذا تبين انه من استحقاق النصارى بالطرق الشرعي يسلم إليهم.
فعقد مجلس لذلك بالمدرسة التنكزية بحضرة شيخ الاسلام الكمالي ابن أبي شريف وشيخ الاسلام النجمي بن جماعة ودقق ناظر الحرمين ونائب السلطنة والقضاة ودار الكلام بينهم في تحرير أمره وكتبوا محضرا يتضمن ان هذا المكان به محراب إلى جهة القبلة وأنه بأيدي المسلمين من تقاد السنين وكتب