لما أراد السلطان الرحيل من بيروت في يوم السبت الحادي والعشرين من شوال قيل له إن الابرنس الأنطاكي قد وصل إلى الخدمة فأقام السلطان وأذن للابرنس في الدخول عليه فلما تمثل بين يديه أكرمه وأظهر البشاشة وسكن روعه وكان معه من مقدمي فرسانه أربعة عشر باروشا وخلع عليه وعليهم وأجزل لهم العطاء وودعه يوم الأحد وفارقه وهو مسرور محبور.
[وصول السلطان إلى دمشق]
لما خرج السلطان من بيروت يوم الأحد بات بالمخيم على البقاع ثم سار ووصل إليه أعيان دمشق لتلاقيه وجاءه فواكه دمشق وأطايبها وأصبح يوم الأربعاء فدخل كل من في المدينة وفرح الناس به وكان غيبة السلطان عن دمشق أربع سنين في الجهاد فحصل لهم الفرح والسرور وكان يوماً مشهوداً لدخوله.
وجلس السلطان في دار العدل ونظر في أحوال الرعي وأزال المظالم وأقام بهاء الدين قراقوش إلى أن أخلص أصحابه من الأسر ثم توجه إلى مصر. واطمأن تااس فى أوطانهم، وخرجت السنة والأمر على ذلك.
ودخلت سنة تسع وثمانين وخمسمائة والسلطان مقيم بدمشق في داره ورسل
الأمصار واردون عليه وهو يجلس كل يوم وليلة بين أخصائه ويجالسه العلماء والفضلاء والظرفاء والأدباء، وسار إلى الصيد شرقي دمشق وصحبته الملك العادل ثم عاد يوم الاثنين حادي عشر صفر ووافق عود الحاج الشامي، فخرج لتلقيه. فلما رآه فاضت عيناه لفوات الحج وسألهم عن أحوال مكة وأميرها وسر بسلامة