سليمان وكان الملك الناصر من الملوك المعتبرين أصحاب التواريخ حج إلى بيت الله الحرام ثلاث مرات الأولى في سنة اثنتي عشرة وسبعمائة والثانية في سنة تسعة عشر والثالثة في سنة اثنتين وثلاثين وسبعمائة.
ووقع له وقعات كثيرة مع التتر وغيرهم وله غارات على بلاد سيس وفتح جزيرة أرواد وهي في بحر الروم قبالة انطرسوس وفتح ملطية وغير ذلك.
وله بالمسجد الأقصى خيرات كثيرة منها أنه عمر في أيامه السور القبلي الذي عند محراب داود ﵊ ورخم صدر المسجد الأقصى ومسجد سيدنا الخليل ﵊ بإشارة تنكز نائب الشام وفتح بالمسجد الأقصى الشباكين اللذين عن يمين المحراب وشماله وكان فتحهما في سنة إحدى وثلاثين وسبعمائة وجدد تذهيب القبتين قبة المسجد الأقصى وقبة الصخرة.
ومن العجب أن تذهيب قبة الصخرة كان قبل العشرين والسبعمائة وقد مضى عليه إلى عصرنا هذا أكثر من مائة وثمانين سنة وهو في غاية الحسن والنورانية من رآه يظن أن الصانع قد فرغ منه الآن.
وعمر القناطر على الدرجتين الشماليتين بصحن الصخرة التي أحداهما مقابل باب حطة والأخرى مقابل باب الدويدارية وعمر باب القطانين بالبناء المحكم - وتقدم ذكر ذلك - وكل مكان من هذه الأماكن مكتوب عليه تاريخ عمارته وعمر قناة السبيل التي عند بركة السلطان بظاهر القدس الشريف من جهة الغرب وله غير ذلك من العمارات والقربات بالقدس الشريف وغيره من البلاد من عماره الحصون والقلاع فإن سطنته الثالثة أقام فيها اثنتين وثلاثين سنة وشهرين وتسعة عشر يوما.
وكانت مدة ملكه في ولاياته الثلاثة ثلاثا وأربعين سنة وسبعة اشهر وتخلل بين ولاياته ولاية العادل كتبغا والمنصور لاجين والمظفر بيبرس نحو خمس سنين وشهرين فكانت المدة من حين ابتداء سلطنته إلى حين وفاته تسعا وأربعين سنة.