ثم استوطن بيت المقدس وصار من المعيدين بالمدرسة الصلاحية وكان شكلا حسنا منور الشيبة وعند تواضع وتودد للناس توفي بالقدس الشريف في يوم الخميس رابع شهر رمضان سنة أربع وثمانين وثمانمائة ودفن بالقلندرية بما ملا.
الشيخ القدوة أبو طاهر خليل بن موسى الرملي الشافعي المشهور بابن الطب الصالح الناسك بركة المسلمين كان من أعيان جماعة الشيخ شهاب الدين بن أرسلان وهو الذي كناه استوطن بيت المقدس دهرا طويلا وكان يحترف بيع القماش في سوق التجار وكان فقيرا جدا وللناس فيه اعتقاد وكان كثير التلاوة للقرآن يحكى عنه في ذلك العجائب من سرعة تلاوته حتى قيل عنه أنه كان يمشي من منزله إلى المسجد الأقصى الشريف فيقرأ ختما كاملا.
وقد أخبرني من جلس إلى جانبه في صلاة الجمعة انه سمعه ابتدأ في القرآن حين صعد الخطيب المنبر فلما أكمل الخطبة ونزل للصلاة سمعه يقرأ سورة الرحمن فسبحان المتفضل بما شاء على من شاء وكان شكله عليه الأبهة والوقار منور الشيبة على طريقة السلف الصالح توفي في يوم الخميس ثاني عشر من شعبان سنة خمس وثمانين وثمانمائة بالقدس الشريف ودفن بما ملا.
وفي ذلك اليوم توفي الشيخ شمسي الدين محمد بن الشيخ عبد الله البغدادي الشافعي العدل كان والده من الفقراء الصوفية ومات وهو صغير فنشأ بعده واشتغل العلم وحفظ كتاب التنبيه في الفقه وقرر في الخانقاه والمدرسة الصلاحية وتحمل الشهادة عند القضاة وكان ينظم الشعر وينقل التاريخ وله محاضرة لطيفة وكان شكلا حسنا فصيح العبارة له خبرة بأحوال الناس والمتقدمين وكتب كثيرا وكان خطه قرب أن يشبه الخط الكوفي وسكن بالزاوية الكائنة بقرب القلعة ظاهر القدس الشريف المعروفة قديما بالشيخ يعقوب العجمي فعرفت به لسكنه بها فصار يقال لها زاوية بن الشيخ عبد الله وعمر على ظاهرها طبقة مرتفعة وكان الرؤساء والقضاة