بعد أن جرى ما ذكر من اعتقال الملك الصالح أيوب بالكرك قصد الملك الناصر داود القدس - وكان الإفرنج قد عمروا قلعتها بعد موت الملك الكامل - فحاصرها وفتحها وخرب القلعة وخرب برج داود أيضا فإنه لما خربت القدس أولا لم يخرب برج داود فخربه في هذه المرة وذلك في سنة سبع وثلاثين وستمائة بعد أن بقي في أيدي الإفرنج نحو إحدى عشرة سنة من حين تسليم الكامل له في سنة ست وعشرين وستمائة.
فأنشد فيه جمال الدين بن مطروح - وكان علامة فاضلا -:
المسجد الأقصى له آية … سارت فصارت مثلا سائرا
إذا غدا للكفر مستوطنا … أن يبعث الله له ناصرا
فناصر ظهوره أولا … وناصر ظهوره آخرا
وفي أواخر رمضان في سنة سبع وثلاثين وستمائة أفرج الناصر داود صاحب الكرك عن ابن عمه الملك الصالح أيوب واجتمعت عليه مماليكه وسار هو والناصر داود إلى قبة الصخرة وتحالفا على أن تكون ديار مصر للصالح ودمشق للناصر ولما ملك الناصر لم يف له بذلك وكان يتأول في يمينه إنه كان مكرها ثم سار إلى غزة.
فلما بلغ الملك العادل صاحب مصر ظهور أخيه الصالح عظم عليه وبرز بعسكر مصر ونزل على بلبيس لقصد أخيه الصالح والناصر داود وأرسل إلى عمه الصالح إسماعيل المتولي على دمشق أن يبرز ويقصدهما من جهة الشام فسار الصالح إسماعيل بعساكر دمشق فبينما الصالح أيوب والناصر داود وهما بين عسكرين قد أحاطا بهما إذ ركب جماعة من المماليك الأشرفية ومقدمهم ايبك الأسمر وأحاطوا بدهليز الملك العادل أبي بكر ابن الكامل وقبضوا عليه في ليلة الجمعة ثامن