وقسم الأرض عليه فقال تعالى وعزتي وجلالي لأخلقن مما أتيت به خلقاً ولأسلطنك على قبض أرواحهم لقلة رحمتك بهم فجعل نصف تلك القبضة في الجنة ونصفها في النار وقال أنا الله الذي لا إله إلا أنا أقضي ولا يقضي علي.
[ذكر آدم ﵇]
قال النبي ﷺ إن الله خلق آدم من قبضة قبضها من جميع الأرض فجاء بنو آدم على قدر الأرض منهم الأحمر والأسود والأبيض وما بين ذلك ومنهم الحزن والسهل وبين ذلك وإنما سمي آدم لأنه خلق من أديم الأرض.
ولما خلق الله جسد آدم تركه أربعين ليلة وقيل أربعين سنة ملقى بغير روح (وقال الله تعالى للملائكة إذا نفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين فلما نفخ فيه الروح سجد له الملائكة كلهم أجمعون إلا إبليس أبي واستكبر وكان من الكافرين) ولم يسجد كبراً وبغياً فأوقع الله تعالى على إبليس اللعنة والأياس من رحمته وجعله شيطاناً رجيماً وأخرجه من الجنة بعد أن كان ملكاً على سماء الدنيا والأرض وخازناً من خزنة الجنة.
واسكن الله تعالى آدم الجنة ثم خلق الله تعالى من ضلع آدم حواء زوجته سميت بذلك لأنها خلقت من شيء حي فأوحى الله تعالى إليه (يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة وكلا منها رغداً حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين) ثم أراد إبليس عليه اللعنة أن يدخل الجنة ليوسوس لآدم وحواء فمنعه الخزنة فعرض نفسه على دواب الأرض أن تحمله حتى يدخل الجنة ليكلم آدم وزوجته فكل الدواب أبت ذلك إلا الحية فإنها أدخلته الجنة بين نابيها وكانت إذ ذاك على غير شكلها الآن فلما دخل إبليس الجنة وسوس لآدم وحواء وحسن عندهما الأكل من الشجرة التي نهاهما الله تعالى عنها وهي الحنطة في قول وقرر عندهما بعد أن حلف لهما إنهما إن أكلا منها خلدا ولم يموتا (فأكلا منها فبدت لهما سوآتهما) أي ظهرت لهما