ولما هلك المركيس تحكم ملك الانكثير في صور وولاها الكندهرى وأرسل الملك يطلب من السلطان نصف البلاد سوى القدس فإنه يبق للمسلمين بمدينته وقلعته سوى كنيستهم قمامة فأبى السلطان ولم يرض.
[(استيلاء الإفرنج على قلعة الداروم)]
وقلعة الداروم هذه على حد مصر خلف غزة وكانت منها مضرة كبيرة فلما شرع الإفرنج في عمارة عسقلان ترددوا إليها مراراً ثم نزلت الإفرنج عليها واشتد زحفهم إليها عشية السبت تاسع جماد الأولى بعد أن نقبوها وطلب أهلها الأمان فلم يؤمنوا ولما عرف الوالي بها إنهم مأخوذون عمد إلى الخيل والجمال والدواب فعرقبها والى الذخائر فأحرقها وفتحوها بالسيف وقتلوا من بها وأسروا منهم عدة يسيرة وكانت نوبة كبيرة على الإسلام.
ثم رحل الإفرنج عنها ونزلوا على ماء يقال له الحسي يوم الخميس رابع عشر الشهر ثم تركوا خيامهم وساروا على قصد قلعة يقال لها مجدل الجبان فخرج عليهم المسلمون وقاتلوهم قتالاً شديداً وقتل منهم خلق كثير وانهزموا.
ثم رحلوا من الحسي يوم الأحد سابع عشر لشهر وتفرقوا في يقين فبعضهم عاد إلى عسقلان وبعضهم جاء إلى بيت جبريل فتقدم السلطان إلى العساكر بمبارزتهم وفي يوم السبت الثالث والعشرين نزلوا بتل الصافية ونزلوا يوم الثلاثاء السادس والعشرين بالنطرون فأرجف بقصدهم القدس ثم ضربوا خيامهم يوم الأربعاء على بيت توبة.
وأظهر السلطان الإقامة بالقدس وفرق الأمراء على الأبراج وجرت وقعات وكبسات وفي يوم السبت نزل الناس إليهم وقاتلوهم في خيامهم وركب العدو وساق إلى قلونية وهي ضيعة من القدس على فرسخين وعاد منهزماً.