ثم دخلت سنة تسعون وثمانمائة وفيها توفي الشيخ شهاب الدين العميري في شهر ربيع الأول - كما تقدم في ترجمته - وكان قد حصل له السرور بعمارة المدرسة الأشرفية لأنه اجتهد في عمارتها وراع السلطان فيها واحتفل بأمرها فلما انتهت عمارتها أدركته المنية قبل بلوغ الأمنية فسبحان من يتصرف في عباده بما يشاء.
وفيها توفي الشيخ سعد الله الحنفي إمام الصخرة الشريفة وترك ولدا صغيرا فحمل الولد إلى السلطان وساعده جماعة في استقراره في إمامة الصخرة الشريفة عوضا عن والده وتوجه ناصر الدين محمد بن الشيخ شهاب الدين أحمد بن خشنى المشهور بابن الشنتير للسعي في الإمامة وساعده الأمير تمراز أمير سلاح فاقتضى الحال المشاركة بينهما فاستقر ناصر الدين ابن دشني في نصف الإمامة وهو الذي كان قرر والده فيه الأمير ناصر الدين بن النشاشيبي - كما تقدم ذكره في حوادث سنة ست وسبعين - واستقر ناصر الدين محمد بن الشيخ سعد الله في النصف الثاني وكتب لكل منهما توقيع شريف بما استقر فيه.
وفيها توجه القاضي شرف الدين يحيى المالكي قاضي القدس إلى الديار المصرية يشكي حاله من جماعة بالقدس الشريف فرسم له باستمراره في الوظيفة وتقوية يده وشد عضده وكتب له مرسوم شريف بذلك.
(ذكر إقامة نظام المدرسة الأشرفية)
وفيها عين السلطان لمشيخة مدرسته بالقدس الشريف شيخ الاسلام الكمالي ابن أبي شريف بحكم وفاة الشيخ شهاب الدين العمري وطلبه إلى حضرته وشافهه بالأولوية وسأله في القبول فأجاب بذلك وألبسه كامليه وتوجه من القاهرة المحروسة إلى القدس الشريف وصحبته القاضي بدر الدين أبو البقا ابن الجبعان والأميران جان بلاط وماماي والمهتار رمضان وجماعة من القراء السلطانية ودخلوا إلى بيت المقدس في يوم الأحد سادس رجب ومعهم اكبار المقادسة.