تعالى:(ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية) وهم في عظم لا يوصفون ثم خلق الله حول العرش حية محدقة به رأسها من درة بيضاء وجسدها من ذهب وعيناها قوتتان لا يعلم عظم تلك الحية إلا الله تعالى فالعرش عرش العظمة والكبرياء الكرسي كرسي الجلال أو البهاء لأن الله تعالى لا حاجة له إليهما فقد كان قبل تكوينهما لا على مكان.
[(خلق الأرضين والجبال والبحار)]
لما أراد الله خلق الأرضين أمر الريح أن تضرب الماء بعضه في بعض فلما اضطرب أزبدا وارتفعت أمواجه وعلا بخاره فأمر الله الزبد أن يجمد فصار يابساً فهو الأرض فدحاها على وجه الماء في يومين فذلك قوله تعالى (قل أئنكم لتكفرون بالذي خلق الأرض في يومين) ثم أمر تلك الأمواج فسكنت فهي الجبال فجعلها عماد الأرض وذلك قوله تعالى (وجعلنا في الأرض رواسي أن تميد بكم فلولاها لماجت الأرض بأهلها) وعروق هذه الجبال متصلة بعروق جبل قاف وهو الجبل المحيط بالأرض ثم خلق الله تعالى سبعة أبحر فأولها محيط بالأرض وراء جبل قاف وكل بحر منها محيط بالبحر الذي تقدمه.
وأما هذه البحار التي على وجه الأرض فإنها بمنزلة الخليج لها وفي تلك البحار من الخلائق والدواب ما لا يعلم عدد إلا الله تعالى وخلق الله تعالى هذه البحار وما فيها من الدواب في اليوم الثالث ثم خلق الله تعالى أرزاقها وقدرها في اليوم الرابع وذلك قوله تعالى (وجعل فيها رواسي من فوقها وبارك فيها وقدر فيها أقواتها في أربعة أيام سواء للسائلين) وهي سبع أرضين كل أرض تلي الأخرى وكانت الأرض تموج بأهلها كالسفينة تذهب وتجيء لأنه لم يكن لها قرار فأهبط الله ملكاً ذا بهاء عظيم وقوة وأمره الله أن يدخل تحتها فيحملها على منكبه فأخرج الله له يداً في المشرق ويداً في المغرب فقبض على أطراف الأرض وأمسكها.