للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومالوا عليهم من كل جانب فتثبتوا فأحاط بهم عسكر الإسلام وأوقدوا حولهم النيران فإنه كان تحت أقدام خيولهم حشيش فأمر السلطان بإلقاء النار فيه فاجتمع عليهم حر الشمس وحر النار واشتد بهم العطش وضاق بهم الأمر ووقع السيف فيهم واشتد القتال فنصر الله المسلمين وأطلقوا عليهم السهام وحكموا فيهم السيوف وأبادوا الإفرنج قتلاً وأسراً وأسروا ملكهم ومن معه وسميت هذه الوقعة وقعة حطين وهي من الوقعات المشهورة وقتل من الإفرنج ثلاثون ألفاً من شجعانهم وفرسانهم.

رؤي بعض الفلاحين وهو يقود نيفاً وثلاثين أسيراً قد ربطهم في طنب خيمته وباع منهم واحداً بنعل لبسه في رجله فقيل له في ذلك فقال أحببت أن يقال باع أسيراً بمداس.

وجلس السلطان لعرض أكابر الأسارى فأول من قدم إليه مقدم الرواية وعدة كثيرة منهم ومن الاستبارية وأحضر الملك كي وأخاه جقرى وأود صاحب جبيل وهنقري والبرنس أرباط صاحب الكرك وهو أول من أسر وكان السلطان قد نذر دمه وأقسم إنه إذا ظفر به يعجل بإتلافه لأنه كان قد عبر به بالشوبك قوم من الديار المصرية في حال الصلح فغدر بهم وقتلهم فناشدوه الصلح الذي بينه وبين المسلمين فقال ما يتضمن الاستخفاف بالنبي وقصد المسير إلى المدينة ومكة المشرفة - كما تقدم ذكره - وبلغ ذلك السلطان فحملته الحمية الدينية على أن نذر دمه.

ولما فتح الله عليه بنصره وجلس في دهليز الخيمة لأنها لم تكن نصبت بعد وعرضت عليه الأسارى فلما حضر بين يديه أجلسه إلى جنب الملك والملك بجنب السلطان وقرعه على غدره وقصده الحرمين الشريفين وذكره بذنبه من حلفه وحنثه ونقضه العهود والمواثيق فقال الترجمان إنه يقول قد جرت بذلك عادة الملوك وكان الملك كي يلهث من الظمأ فآنسه السلطان وسمن رعبه وأتي بماء