والانبرطون معناه ملك الأمراء بالإفرنجية وكان صاحب جزيرة صقلية وكان فاضلا يحسن الحكمة والمنطق والطب ويميل إلى المسلمين.
[(ذكر تسليم بيت المقدس إلى الإفرنج)]
لما دخلت سنة ست وعشرين وستمائة واستهلت وملوك بني أيوب متفرقون مختلفون قد صاروا أحزاباً بعد أن كانوا إخواناً وأصحاباً فقوي الإفرنج بذلك وبموت المعظم عيسى من وفد إليهم من البحر.
وكان الملك الكامل قد عزم على انتزاع دمشق من ابن أخيه الناصر داود وسير الملك الكامل أخاه الملك الأشرف موسى لحصار دمشق والكامل مشتغل بمراسلة الانبرطون.
ولما طال الأمر ولم يجد الكامل بداً من المهادنة أجاب الانبرطون إلى تسليم القدس إليه على أنت ستمر أسواره خراباً ولا يعمره الإفرنج ولا يتعرضوا إلى قبة الصخرة ولا الجامع الأقصى ويكون المرجوع في الرستاق إلى والي المسلمين ويكون لهم من القرى ما هو على الطريق من عكا إلى القدس فقط ووقع الأمر على ذلك وتحالفاً عليه.
وتسلم الانبرطون القدس في ربيع الآخر على القاعدة المذكورة وعظم ذلك على المسلمين وحصل به وهن شديد وإرجاف في الناس.
ولما وقع ذلك كان الناصر داود في الحصار لانتزاع دمشق منه فأخذ في التشنيع على عمه الكامل بذلك وكان بدمشق الشيخ شمس الذين يوسف سبط أبي الفرج الجوزي وكان واعظاً له قبول عند الناس فأمره الناصر داود أن يعمل مجلس وعظ يذكر فيه فضائل بيت المقدس وما حل بالمسلمين من تسليمه إلى الإفرنج ففعل ذلك فكان مجلساً عظيماً ومن جمل ما انشد قصيدة تائية ضمنها