القاضي تقي الدين بن العلم في شهر ربيع الأول سنة سبع وتسعين وثمانمائة ودفن بما ملا.
وأما مستخلفه القاضي شمس الدين محمد بن إبراهيم مارب العزيز المالكي فإنه كان على مذهب الإمام الشافعي وباشر نيابة الحكم بغزة وهو شافعي ثم انتقل إلى مذهب الإمام مالك وولي قضاء المالكية بغزة في سنة إحدى وتسعين وثمانمائة فأقام نحو ستة أشهر ثم عزل ثم ولي قضاء المالكية بالقدس الشريف في شهر شوال سنة ثلاث وتسعين بعد شغوره عن القاضي شرف الدين يحيى المغرب الأندلسي - المتقدم ذكره - وكان يتردد إلى القدس ويعود إلى وطنه بغزة ثم عزل في شهر رمضان سنة ست وتسعين وثمانمائة وتوجه إلى مدينة غزة وأقام بها ولم يقدر له ولاية إلى حين وفاته بمدينة غزة في أواخر ذي الحجة سنة تسعمائة وسنذكر قدومه إلى القدس وتردده إلى غزة فيما بعد في ترجمة السلطان إن شاء الله تعالى.
قاضي القضاة الإمام العلامة المحقق شمس الدين أبو عبد الله محمد بن علي بن الأزرق المغربي الأندلسي المالكي كان من أهل العلم والصلاح حسن الشكل منور الشيبة عليه الأبهة والوقار وكان قاضيا بمدينة غرناطة بالأندلس فلما استولى عليها الإفرنج خرج منها يستنفر ملوك الأرض في نجدة صاحب غرناطة فتوجه لملوك المغرب فلم يحصل منهم نتيجة فحضر إلى السلطان الملك الأشرف قايتباي نصره الله تعالى - وكان مشتغلا بقتال سلطان الروم أبي يزيد بن عثمان - فتوجه إلى مكة المشرفة وجاور بها وزار النبي ﷺ ورجع إلى القاهرة المحروسة في أول سنة ست وتسعين وثمانمائة فتكلم له في شيء يحصل منه ما يستعين به على القوت فولاه السلطان قضاء المالكية بالقدس الشريف في رابع رمضان من السنة المذكورة عوضا عن القاضي شمس الدين محمد بن مازن الغزي وقدم إلى القدس في يوم الاثنين سادس عشر شوال سنة ست وتسعين وأقام به نحو الشهر وهو يتعاطى الأحكام بعفة ونزاهة من غير تناول شيء من الناس.