ثم في يوم الاثنين رابع شهر رجب عقد مجلس بالمدرسة التنكزية حضره شيخ الاسلام كمال الدين بن أبي شريف والشيخ برهان الدين الأنصاري والأمير جقمق نائب السلطنة والقاضي الشافعي شهاب الدين بن عبية والقاضي الحنفي شمس الدين الديري والسيد الشرف محمد بن عفيف الدين ودار الكلام بينهم وحصل البحث بين الشيخ كمال الدين بن أبي شريف والشيخ برهان الدين الأنصاري الخليلي وانتشر الكلام بينهما فإن شيخ الاسلام يقول لا وجه لمنع اليهود من كنيستهم بغير مسوغ شرعي ويرى ان شهادة من شهد بحدوثها بغير مستند شرعي يستند إليه في شهادته لا تقبل والشيخ برهان الدين الأنصاري كان من جملة القائمين في منع اليهود بترجيح شهادة من شهد بحدوثها.
فلما حصل البحث بينهما قصد الشيخ برهان الدين الأنصاري نصرة قوله فكان من جملة لفظ شيخ الاسلام له لا تبحث معي بحث خليلي وكان مجلسا حافلا آخره ان القاضي الشافعي اشهد عليه بمنع اليهود من اتخاذها كنيسة كما تقدم أولا وثانيا واتصل إشهاده بذلك بالقاضي الحنفي وكتب محضر بذلك.
ثم في آخر ذلك اليوم بعد الصعد توجه الشيخ محمد بن عفيف الدين ومن معه إلى الكنيسة وأمر بهدمها فشرع المسلمون في هدمها فهدم غالبها ثم في ثاني ذلك اليوم هدم باقيها وكان يوما مشهودا وشرع الشيخ أبو العز يحرض الناس على الهدم ويقوي عزمهم وكلما ثار الغبار من التراب على رؤس الناس وأثوابهم ينفضه عنهم بمنديل في يده ويقول هذا غبار الجنة تثابون على هذا الفعل في الجنة ثم توجه الشيخ أبو العزم بالمحضر إلى القاهرة وتوجه اليهود للشكوى للسلطان.
فلما علم السلطان بذلك وانهم أفتوا عليه وهدموا الكنيسة بغير مرسومه غضب غضبا شديدا وأمر بالقبض على الشيخ أبي العزم وكان يوم وصوله للقاهرة