ورحل السلطان يوم السبت ثالث عشره ونزل على تل عال عند النطرون وهي قلعة منيعة فهدمها وأشاع الإقامة هناك وأفاض الانعام على العسكر.
[(ذكر ما تجدد لملك الانكثير)]
وصلت رسل ملك الانكثير إلى العادل بالمصالحة وترددت الرسل وانتظم الحال على أن العادل يتزوج أخت ملك الانكثير ويحكم العادل في البلاد وتكون المرأة مقيمة بالقدس ويوطن العادل مقدم يالافرنج والرواية والاستبار ببعض القرى ولا يمكنهم من الحصون ولا يقيم معها في القدس إلا قسس ورهبان فاستدع العدل جماعة من الأعيان منهم العماد الكاتب وغيره سألهم في المضي إلى السلطان وإعلامه بذلك وسؤاله في ذلك.
فحضروا إلى السلطان وأخبروه بالحال فسمح ورضى وذلك في يوم الاثنين تاسع عشري رمضان وعاد الرسول إلى ملك الانكثير.
ثم أن أكابر الإفرنج عرضوا ذلك قسسهم فلم يرضوه وخبثوا المرأة وند موها وعنفوها بتزويجها بالمسلم فانثنى عزمها عن التزويج وقالت أتزوجه بشرط أن يوافقني على ديني فأنف العادل من ذلك واعتذر الملك بامتناع أخته وبطل الاتفاق وكان ذلك يوم العيد.
وفي يوم العيد خلع السلطان على أكابره ومد لهم سماطاً ونزل السلطان بالرملة ليقرب من العدو وتواتر الخبر بأن الإفرنج على عزم الخروج فسار يوم الاثنين سابع شوال وخيم خارج الرملة.
وجاء الخبر أن العدو قد خرج إلى باروز فتسارع العسكر إليهم وقربوا من خيامهم وأحاطوا بهم فركب الإفرنج وحملوا على الناس حملة فاندفعوا بين أيديهم فاستشهد ثلاثة وكان السلطان في كل يوم يركب ولا يخلو من وقعة يقتل فيها من الكفار.