وولي الوزارة كان في صحبته فلما توفي أسد الدين اتفق الفقيه عيسى والطواشي بهاء الدين قراقوش على ترتيب السلطان صلاح الدين موضعه في الوزارة ودققا الحيلة في ذلك حتى بلغا المقصود فلما ولي صلاح الدين رأى له ذلك واعتمد عليه ولم يكن يخرج عن رأيه وكان كثير الإدلال عليه يخاطبه بما لا يقدر عليه غيره من الكلام.
وفي سنة ثلاث وسبعين وخمسمائة سار الملك صلاح الدين لغزو الإفرنج فأسر الفقيه عيسى فافتداه بعد سنين بستين ألف دينار وكان واسطة خير للناس نفع بجاهه خلقا كثيرا ولم يزل على مكانته وتوفر حرمته إلى أن توفي سحر ليلة الثلاثاء تاسع ذي القعدة سنة خمس وثمانين وخمسمائة بالمخيم بمنزلة الخروبة - موضع بالقرب من عكا - وحمل من يومه إلى القدس الشريف ودفن بظاهرة بتربة ما ملا وكان يلبس زي الأجناد ويعتم بعمائم الفقهاء فيجمع بين اللباسين ﵀.
الشيخ الأجل الزاهد العابد المجاهد جلال الدين محمد بن أحمد بن محمد الشاشي شيخ الزاوية الختنية بداخل المسجد الأقصى الشريف وقفها عليه الملك صلاح الدين في سنة سبع وثمانين وخمسمائة وتقدم ذكر ذلك.
الشيخ الفقيه أبو عبد الله محمد بن أبي بكر بن خضر القدسي وكيل بيت المال بالقدس الشريف وهو الذي فوض إليه الملك صلاح الدين بيع الملاك المختصة ببيت المال بالقدس الشريف ثم اشترى منه كنيسة صند حنا وهي المدرسة الصلاحية والجهات التي وقفها عليها من بيت المال وتصرف في ذلك الوقف وسطر ذلك في كتاب وقفه المؤرخ في ثالث عشر رجب سنة ثلاث وثمانين وخمسمائة.
الشيخ الإمام الزاهد العابد المجاهد شهاب الدين أبو العباس أحمد بن جمال الدين عبد الله بن محمد بن عبد الجبار المعروف بالقدسي والمشهور بأبي ثور كان من عباد الله الصالحين وسبب تكنيته بأبي ثور أنه حضر بيت المقدس وكان يركب ثورا ويقاتل عليه في الغزاة فسمى بذلك.