والعجب أن الأبراج كانت متباعدة وقد أبعدها الإفرنج بمسافات وكل واحد منها على جانب من البلد فاحترقت في واحد وكان سبب حرقها إن رجلاً يعرف بعلي بن عريف الحسين بدمشق كان استأذن السلطان في دخول عكا للجهاد وأقام بها وشرع يعمل النفط ويركب عقاقيره والناس يسخرون منه فلما قدمت الأبراج إلى البلد رمي عليها بالنفوط وغيرها فلم يفد فحضر ابن العريف إلى بهاء الدين قراقوش واستأذنه في الرمي فأذن له على كره فإن الصناع قد أيسوا فلما إذن له بهاء الدين قراقوش رمى أحد الأبراج فأحرقه وانتقل إلى الثالث فأحرقه ولم يكن ذلك بصنعه بل وفقه الله تعالى له.
وخرج المسلمون من البلد فحفروا الخندق وجاؤا إلى موضع الحريق واستخرجوا الحديد من موضع الحريق وما وجدوا من الزرديات وغيرها ولله الحمد والمنة.
[وصول الأسطول من مصر]
كان السلطان أمر بتعمير أسطول آخر من مصر فلما كان يوم الخميس ثامن جمادي الأولى ظهر الأسطول فركب السلطان ليشغل الإفرنج عن قتال الأسطول فعمر الإفرنج أسطولاً وتلاقى هو وأسطول المسلمين فجاءت مراكب المسلمين ونطحت مراكبهم وأخذ المسلمون مركباً للإفرنج وأخذ الإفرنج مركباً للمسلمين وأتصل الحرب في البحر إلى غروب الشمس فقتل من الإفرنج عدة كثيرة وسلم المسلمون.
[(قصة ملك الألمان)]
صح الخبر أن ملك الألمان عبر من قسطنطينية بجنوده فقيل إنهم أقاموا