فلما وصلوا إلى القاهرة وقف القاضي لسلطان وأنهى ما وقع في حقه فقال له من هو غريمك؟ فقال ما لي غريم فانتهره السلطان لذلك وقال له من هو غريمك؟ وتكرر ذلك منه فقال غريمي عمر الزبال وهو رجل من أقل العوام يجمع الزبل للحمامات بالقدس فأمر السلطان بضرب عمر المذكور فضرب بالمقارع - وهو مظلوم في الواقع - وبقي أهل القدس يسخرون بالقاضي ويقولون غرماؤه عمر الزبال وزريق الحمال وكحيله الطبال.
ثم انتهى الحال إلى تلاشي أحوال القاضي وانعكس أمره واختفى فتحقق السلطان باختفائه انه مبطل فصرح بعزله وخرجت سنة خمس وسبعين والأمر على ذلك والاخبار واردة إلى بيت المقدس على أنواع مختلفة وأصحاب الأهواء كل منهم يتكلم بما يوافق هواه.
ثم دخلت سنة ست وسبعين وثمانمائة فيها دخل القاضي نور الدين البدرشي المالكي القدس الشريف متوليا قضاء المالكية عوضا عن القاضي حميد الدين أبي حامد بعد استقراره في الوظيفة من أواخر سنة خمس وسبعين وكان دخوله إلى القدس في أوائل المحرم فقمع المبتدعين ونصر الشريعة.
وفيها أنعم السلطان على شيخ الاسلام الكمالي ابن أبي شريف باستقراره في مشيخة المدرسة الصلاحية بالقدس الشريف من غير سعي منه ولا بدل بل عينه السلطان لذلك فتوقف في القبول ثم الزم فقبل وأنعم على القاضي شهاب الدين أبي - حاتم حامد بن عتبة الشافعي بقضاء الشافعية بالقدس الشريف وعلى القاضي خير الدين أبي الخير محمد بن عمران الحنفي بقضاء الحنفية وعلى الشيخ شهاب الدين العميري بمشيخة المدرسة القديمة التي كان بناها الناظر حسن - كما تقدم - وهي التي هدمت وبنى مكانها المدرسة الأشرفية الموجودة الآن بالمسجد الأقصى وكان ذلك في يوم السبت في شهر صفر.
والبس الثلاثة وهم شيخ الاسلام الكمالي ابن أبي شريف والقاضي